279
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

الإسلاميّ يعني الإعراض عن الآخر.

وكتب الإمام الخمينيّ قدس‏سره في مقدّمة وصيّته القيّمة المستلهَمة من الوصيّة السياسيّة الربّانية لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، مشيراً في شرح حديث الثقلين إلى الأمر المهمّ التالي:

لعلّ في عبارة: «لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» إشارة إلى أنّ ما يجري بعد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله على أحدهما يجري على الآخر، وهجر أيّ منهما هجر للآخر.۱

وأثبت التاريخ الإسلاميّ بجلاء ـ كما أخبر الرسول بذلك ـ أنّه لا يمكن تحقّق أحكام القرآن في المجتمع بدون القيادة السياسيّة لأهل البيت عليهم‏السلام ؛ لأنّ فصلهم عن القرآن مع إمكان تطبيق آيات هذا السِّفر المقدّس، يوفّر أرضيّة ملائمة لإضاعة القوانين في المجتمع الإسلاميّ.۲

سابعاً: دلالة حديث الثقلين على إمامة الإمام المهديّ عليه‏السلام

إنّ من أوضح معطيات حديث الثقلين هو بقاء أهل البيت عليهم‏السلام إلى يوم القيامة؛ لأنّهم إن لم يبقوا إلى ذلك اليوم فلا معنى للتوصية بالتمسّك بهم إلى القيامة۳. ولتوضيح هذا الخطاب

1.. صحيفه إمام بالفارسيّة: ج ۲۱ ص ۳۹۴.

2.. قال الإمام الخمينيّ في وصيّته السياسيّة الإلهيّة: «إنّ المتغطرسين والطواغيت جعلوا القرآن الكريم أداةً للحكومات المعادية للقرآن، وأقصوا المفسّرين الحقيقيّين له والعالمين بالحقائق الذين تلقّوا جميع القرآن من الرسول الأكرم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، أقصوهم مع القرآن بذرائع مختلفة ومؤمرات مخطّط لها من قبل، وفي آذانهم يتردّد نداء: إنّي تاركٌ فيكم الثقلين. وفي الحقيقة لقد أخرجوا القرآن من الميدان وهو أعظم دستور للحياة المادّية والمعنويّة، وشطبوا بالبطلان على حكومة العدل الإلهيّ، وهي كانت وماتزال من أهداف هذا الكتاب المقدّس» صحيفه امام «بالفارسيّة»: ج ۲۱ ص ۳۹۴ .

3.. في الصواعق المحرقة : ص ۱۵۱: «وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك؛ ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي، ويشهد لذلك الخبر السابق: في كلّ خلف من أُمّتي عدول من أهل بيتي... إلى آخره. ثمّ أحقّ من يُتمسّك به منهم إمامهم وعالمهم عليّ بن أبي طالب ـ كرم اللّه‏ وجهه ـ لما قدّمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته، ومن ثمّ قال أبو بكر: عليّ عترة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله؛ أي الذين حثّ على التمسّك بهم، فخصّه لما قلنا، وكذلك خصّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بما مرّ يوم غدير خم».


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
278

المنزلة العلميّة لأهل البيت أيضاً.۱

يُضاف إلى ذلك تصريح حديث الثقلين في بيان المرجعيّة العلميّة لأهل البيت عليهم‏السلام إلى جانب القرآن الكريم، إذ ورد فيه:

إنّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ أَما إِن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا: كِتابَ اللّه‏ِ وَعِترَتي أَهلَ بَيتي.۲

ومعنى هذا أنّ المرجعيّة العلميّة لأهل البيت عليهم‏السلام إلى جانب القرآن الكريم يُفضي إلى الحصانة من الضلال في المسائل الدينيّة، ومن لايعترف بمرجعيّتهم العلميّة لايمكنه الاطمئنان بمجموعة عقائده الدينيّة.

الثالثة: الملازمة بين الإعراض عن أهل البيت والقرآن

حديث الثقلين ـ في الحقيقة ـ وصيّة رسول اللّه‏ السياسيّة الربّانيّة، فالنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يعلم جيّداً أنّ المرجعيّة العلميّة لأهل البيت لا تتحقّق عمليّاً بإقصائهم عن القيادة السياسيّة، ومادامت قيادة الأُمّة غير مناطة بهم فلن يستطيع المجتمع الإسلاميّ وسائر مجتمعات العالم أن ينهلوا بجدارة من بحار علمهم التي لاحدود لها؛ ولهذا يحمل حديث الثقلين للأُمّة الإسلاميّة هذا البيان السياسيّ الربّاني الخطير، وهو: أنّ مصير القرآن والعترة مترابطان مع بعضهما.

وبعبارة أُخرى: لايمكن للقرآن (وهو رسالة الكمال المادّي والمعنويّ للبشر) أن ينفصل عن العترة (وهم الذائدون عن هذه الرسالة وديمومة السنّة النبويّة)، وفي كلمة واحدة: الدين ليس مفصولاً عن السياسة، والإعراض عن أحد الثقلين (القرآن أو العترة) في المجتمع

1.. راجع: أهل البيت في الكتاب والسنّة : ص ۱۸۹ ح ۳۷۹ والكافي: ج ۱ ص ۲۹۴ ح ۲ : «إنّي تارِكٌ فيكُم أمرَينِ إن أخَذتُم بِهِما لَن تَضِلّوا: كِتابَ اللّه‏ِ عز و جل ، وأهلَ بَيتي عِترَتي. أيُّهَا النّاسُ! اسمَعوا وقَد بَلَّغتُ، إنَّكُم سَتَرِدونَ عَلَيَّ الحَوضَ، فَأَسأَلُكُم عَمّا فَعَلتُم فِي الثَّقَلَينِ، وَالثَّقَلانِ كِتابُ اللّه‏ِ جَلَّ ذِكرُهُ وأهلُ بَيتي، فَلا تَسبِقوهُم فَتَهلِكوا، ولا تُعَلِّموهُم فَإِنَّهُم أعلَمُ مِنكُم» راجع: هذه الموسوعة: ص ۲۴۰ ح ۷۳ «عيون أخبار الرضا عليه‏السلام» .

2.. راجع: ص ۲۴۷ ح ۸۶ بصائر الدرجات.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15332
صفحه از 485
پرینت  ارسال به