277
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

ثانياً: إنّه عدم حصانة أهل البيت من الخطأ يُخدش تلاحمهم مع القرآن، في حين صرّح حديث الثقلين بتلازم أهل البيت مع القرآن وعدم افتراقهما. قال الشيخ المفيد في هذا الصدد:

و ذلك موجب لعصمتهم من الآثام، ومانع من تعلّق السهو بهم والنسيان؛ إذ لو وقع منهم عصيان أو سهو في الأحكام، لفارقوا به القرآن فيما ضمّنه البرهان.۱

وبناء على ذلك يُعدّ حديث الثقلين دليلاً آخر على عصمة أهل البيت ومصونيّتهم من الذنوب والخطأ، إلى جانب آية التطهير والأحاديث الصادرة في بيان عفّتهم وطهارتهم.۲

الثانية: المرجعيّة العلميّة لأهل البيت عليهم‏السلام

ثاني بيان جليّ يوجّهه حديث الثقلين للأُمّة الإسلاميّة، هو المرجعيّة العلميّة لأهل البيت عليهم‏السلام، وفي الواقع يكفي لإثبات هذا البيان مضاهاة أهل البيت للقرآن وحصانة علمهم، وهذا يعني أن لا أحد مثل أهل البيت يمكنه أن يشرح حقائق القرآن للناس ويُطلعهم على علوم الإسلام الأصيلة. قال الإمام الصادق عليه‏السلام:

إنَّ اللّه‏َ عَلَّمَ نَبِيَّهُ التَنزيلَ وَالتَّأويلَ، فَعَلَّمَهُ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَلِيّاً عليه‏السلام، قالَ: وَعَلَّمَنا وَاللّه‏ِ.۳

وجميع الأحاديث المؤّدة لمنزلة أهل البيت العلميّة ـ كالأحاديث المعرّفة لهم على أنّهم خزنة علم اللّه‏ وورثة علم الأنبياء، أو التي تعتبر قولهم قول رسول اللّه‏۴ ـ توضّح هذا البيان وتؤّد مرجعيّتهم العلميّة. والمثير للاهتمام أنّ بعض روايات حديث الثقلين أشارت إلى

1.. المسائل الجاروديّة: ص ۴۲.

2.. راجع: أهل البيت في الكتاب والسنّة: ص ۱۱۹ القسم الثالث / الفصل الأوّل / الطهارة .

3.. الكافي: ج ۷ ص ۴۴۲ ح ۱۵، تهذيب الأحكام: ج ۸ ص ۲۸۶ ح ۱۰۵۲.

4.. راجع: أهل البيت في الكتاب والسنّة: ص ۱۸۳ القسم الرابع / الفصل الأوّل : خصائصُهُم في العلم .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
276

إِنّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ، أما إِن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا: كِتابَ اللّه‏ِ وَ عِترَتي أهلَ بَيتي؛ فَإِنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ.۱

فالقرآن والعترة ـ استناداً إلى هذا الحديث الطاهر ـ أمانتان ثمينتان متلاحمتان، استودعهما خاتمُ الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أُمّته وطالبها بالذود عنهما إلى يوم القيامة.

ومن أهمّ النقاط في بيان معنى حديث الثقلين الشريف دلالته على إمامة الإمام المهديّّ عليه‏السلام وضرورة التمسّك به، ولكن قبل عرض أيّ توضيح في هذا المجال نشير أوّلاً وبإيجاز إلى ثلاث معطيات مصيريّة لهذا الحديث فيما يتعلّق بإمامة وزعامة أهل البيت عليهم‏السلام:

الأُولى: عصمة أهل البيت عليهم‏السلام

لقد ضمن اللّه‏ تعالى بنفسه عصمة القرآن وصيانته من أيّ خطأ، حيث قال في كتابه الكريم:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ».۲

وأكّد أيضاً:

«لايَأتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكيمٍ حَمِيدٍ».۳

والرسالة الواضحة الّتي يحملها (كَونُ أهلِ البيت كُفؤ القرآن الكريم في حديث الثقلين) هي عصمة أهل البيت عليهم‏السلام ؛ لأنّه:

أوّلاً: إنّ أمر رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بالتمسّك بأهل البيت إلى جانب القرآن يعني وجوب طاعتهم، ولو لم يكن أهل البيت معصومين من الخطأ نظير القرآن فلا معنى للأمر بوجوب طاعتهم. قال الإمام عليّ عليه‏السلام في توضيح هذا البرهان ووجوب إطاعة أُولي الأمر:

إِنَّما أمَرَ بِطاعَةِ أُولي الأَمرِ۴؛ لِأَنَّهُم مَعصومونَ مُطَهَّرونَ، لا يَأمُرونَ بِمَعصِيَةٍ.۵

1.. راجع: ص ۲۴۷ ح ۸۶ بصائر الدرجات.

2.. الحجر: ۹.

3.. فصلت: ۴۲.

4.. إشارة إلى الآية ۵۹ من سورة النساء: «أَطِيعُواْ آللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنكمْ».

5.. الخصال: ص ۱۳۹ ح ۱۵۸، علل الشرائع: ص ۱۲۳ ح ۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15231
صفحه از 485
پرینت  ارسال به