235
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

متعدّدة۱، عُهدت إليهم الهداية الظاهريّة أو الباطنيّة۲ لمن يبحث عن الحقّ، وآخر حجّة إلهيّة قبل بعثة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هو خالد بن سنان العبسيّ۳ الذي التقى الرسول بابنته، وقال الإمام الصادق عليه‏السلام بشأنه:

إنَّهُ كانَ بَينَ النبيِّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وعِيسى عليه‏السلام، وَ لَم يَكن بَينَهُما فَترَةٌ.۴

وبناء على ذلك، لا يتعارض عهد فترة الرسل مع استمرار الإمامة والهداية الإلهيّة الباطنيّة بتوسّط إمام غائب أو إمام ظاهر لايتمكّن الناس من الوصول إليه. كما أنّ الزمن الفاصل بين وفاة إمام إلى ثبوت إمامة الإمام التالي له، تسمّى عهد الفترة وفقاً لما جاء في بعض الأحاديث۵. وسمّى الإمام الصادق عليه‏السلام زمن غيبة الإمام المهديّ المنتظر عليه‏السلام بعهد فترة الأئمّة:

الَّذي يَملَؤا عَدلاً كَما مُلِئَت ظُلماً وَ جَوراً، لَعَلى فَترَةٍ مِنَ الأَئِمَةِ يَأتي كَما أنَّ النَّبِيَّ بُعِثَ عَلى فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ.۶

تنبيه

الملاحظة التي تستوقفنا هنا حديث منقول عن الإمام الصادق عليه‏السلام يُستشفّ من ظاهره نفي وجود أيّ حجّة خلال عصر الفترة، جاء فيه:

زيد عن محمّد بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام، قال: قُلتُ لَهُ: كانَتِ الدُّنيا قَطُّ مُنذُ كانَت وَ لَيسَ فِي الأَرضِ حُجَّةٌ؟ قالَ:

1.. راجع: موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‏السلام: ص ۳۶۹ القسم الثالث / الفصل الأوّل : أحاديث الوصاية .

2.. راجع: كمال الدين: ص ۱۶۱ ح ۱۹ ـ ۲۰، بحار الأنوار: ج ۱۴ ص ۳۴۷ ح ۶ و ۷.

3.. ورد في بعض الأحاديث أنّه ليس نبيّاً، إلاّ أنّ العلاّمة المجلسي يرى بأنّ الأحاديث الدالّة على نبوّته أقوى وأكثر راجع: بحار الأنوار: ج۱۴ ص۴۵۱ .

4.. قصص الأنبياء: ص ۲۷۷ ح۳۳۴، بحار الأنوار: ج ۱۴ ص ۴۵۰ ح۲.

5.. الغيبة للنعماني: ص ۱۵۸ ح ۲، بحار الأنوار: ج ۵۲ ص ۱۳۲ ح ۳۷.

6.. الغيبة للنعماني: ص ۱۸۶ ح ۳۸، بحار الأنوار: ج ۵۱ ص ۳۹ ح ۱۸ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
234

عدم استمرار الإمامة والهداية الإلهيّة في جميع العصور، ونرى أنّ عرضها ونقدها فيما يلي في غاية الأهمّية:

۱. أحاديث الفترة

أهمّ دليل يمكن بحثه في مقابل أدلّة استمرار الإمامة، نصوص دلّت على زمن الفترة بين بعثة أنبياء اللّه‏ تعالى؛ والفترة في الأصل بمعنى السكون والهدوء، ولهذا يُسمّى الزمن الفاصل بين حركتين ونهضتين بالفترة أيضاً، كما سمّى القرآن الكريم المرحلة الزمنيّة ما بين نبوّة عيسى عليه‏السلام ونبوّة خاتم الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بفترةٍ من الرُّسل، حيث استمرّت تلك المرحلة حدود ستّمئة عام۱. وصرّحت بعض الأحاديث بأنّ من عاش في عصر الفترة يعدّ من المستضعفين، ولايؤخذ في يوم القيامة۲، واستناداً إلى ذلك تطلّ شبهة على أنّ الإمامة والهداية الإلهيّة لم يستمرّا في عصر الفترة.

وجواب هذه الشبهة هو أنّ القرآن الكريم والأحاديث الإسلاميّة سمّت الفاصلة بين عيسى عليه‏السلام وخاتم الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بعصر «فترة من الرسل» لا «فترة من الأئمّة والحجج»، وتأسيساً على ذلك لا تتمكّن النصوص الدالّة على ثبوت عصر الفترة من نفي استمرار الإمامة والهداية الإلهيّة في جميع العصور، ولهذا لا تُعتبر معارضةً للنصوص الدالّة على استمرار الإمامة.

وإضافة إلى ما ذُكر، فما بين المسيح عليه‏السلام وخاتم النبيّين صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بُعث ثلاثة أنبياء على الأقلّ، استناداً إلى ما أشار إليه القرآن الكريم۳، ولكلّ الأنبياء أوصياء وفقاً لأحاديث

1.. يعتقد بعض الباحثين أنّ هذه الفاصلة كانت أقلّ من ستّمئة عام، وبعضهم يرى عصر الفترة أكثر من هذه المدّة، حيث ذُكر أنّ الزمن الفاصل بين ولادة عيسى عليه‏السلاموهجرة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله استغرق ۶۲۱ عاماً و۱۹۵ يوماً راجع: تفسير أبي الفتوح الرازي : ج ۴ ص ۱۵۴، والهوامش بقلم العلاّمة أبي الحسن الشعراني .

2.. الكافي: ج ۳ ص ۲۴۸ ح ۱، معاني الأخبار: ص ۴۰۸ ح ۸۶.

3.. كما في سورة يس: الآية ۱۴.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15559
صفحه از 485
پرینت  ارسال به