وغيرها من الوقائع التاريخيّة التي لا دخل لها في البحوث الاعتقاديّة، ولا يُعتمد في إثباتها الإجراءات المتشدّدة في البحوث الآنفة الذكر، فالتسليم بهذه التفاصيل التاريخيّة أو التشكيك فيها وحتّى عدم القبول ببعض هذه الأنواع من الموضوعات أو إنكارها، لا يُسبّب مشكلة من الناحية العقائديّة.
إذن، فالإمام المهديّ عليهالسلام و هو الابن المباشر للإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام، والإمام الثاني عشر للشيعة، والمنقذ الموعود، من أيّ أُمّ وُلد، ومتى كانت ولادته بنحو دقيق، وكيف صُوّرت تفاصيل ولادته؟ وما ناظرها من هذه الجزئيّات تعدّ موضوعات تاريخيّة، ويمكن الحكم فيها باعتماد المعايير التاريخيّة الحديثيّة، ولكن ليس من الضرويّ التسليم بها أو ردّها من الناحية الاعتقاديّة.
فما مدى تأثير كون أُمّه نرجس الأميرة الروميّة المسيحيّة الأصل وكونها من ذرّيّة النبيّ عيسى عليهالسلام، أو فتاة علويّة باسم صيقل؟ وولادته في النصف من شعبان أو في شهر رجب أو رمضان أو ربيع الأوّل؟ أو أنّ لخبر ولادته السيّدة حكيمة أو نسيم الخادم أو معمّر بن غوث أو جار الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام في سامرّاء؟ وحتّى كيفيّة ولادته تعدّ حادثة تاريخيّة لا ضرورة للاعتقاد بجزئيّاتها.
ولا ترتبط هذه الميزة للوقائع التاريخيّة بالماضي فقط، فيمكن تطبييقها على الأحداث ذات السمات التاريخيّة الحاكية عن المستقبل أيضاً، من قبيل: الاتّصال بالإمام عليهالسلام في عصر الغيبة، وعلامات الظهور، وتفاصيل أوضاع العالم بعد ظهوره. أمّا أبرز هذه الأخبار فمجموعة روايات حاكية عن علامات الظهور، وجديرة بمزيد من الشرح.
وظهور الإمام المهديّ عليهالسلام وقيامه بعد عصر الغيبة أمر حتمي يبتني على أدلّة نقليّة معتبرة لها تواتر معنويّ، وتُعدّ من أُصول الاعتقاد بالإمام المهديّ عليهالسلام لدى الشيعة. وتبرز إلى جانب هذا البحث الاعتقاديّ روايات وأخبار عن علامات الظهور بعضها حتميّ الوقوع والآخر غير حتميّ، ولا لبس في أنّ بحث تلك العلامات ليس مهمّاً بقدر البحث عن أصل قيام الإمام