197
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

المهديّ عليه‏السلام وثورته، كما أنّ إثبات ذلك يقلّ أهمّيّة بالقدر نفسه؛ لأنّ هذا النوع من البحوث لايعتبر من الأُصول الاعتقاديّة، ولهذا لا ضرورة الإيمان والإقرار المفصّل بها، مثلما لا تُعدّ المعرفة التفصيليّة بجميع ما في الكتاب والسنّة شرطاً في أصل الإسلام والإيمان.۱

والشاهد على هذا الموضوع أنّه حتّى لو لم تظهر أيّ علامة فلا يلحق ضرر بأصل قيام الإمام المهديّ عليه‏السلام، كما جاء في بعض الروايات أنّ أصل ظهور الإمام وعد لا يمكن تخلّفه۲، وأمّا بقية البحوث وما يلازمها فعرضة للتغيير والتبديل.۳

ملاحظات مهمّة عن الدراسات المهدويّة

وبالتمعّن فيما قلناه سابقاً يمكن الوقوف على ملاحظات في غاية الأهميّة عن العقيدة المهدويّة:

الأُولى: عرضت هذه الموسوعة جميع البحوث المرتبطة بالعقيدة المهدويّة بأُسلوب تحليليّ، سواء الاعتقاديّة أو التاريخيّة؛ لتوفّر مجموعة شاملة لما يتعلّق بالإمام المهديّ عليه‏السلام والمنقذ الموعود من وجهة نظر الشيعة وبقيّة المذاهب والأديان، حتّى وإن كان بعض البحوث يفتقر إلى توثيق قويّ وكامل.

الثانية: اعتمدت الموسوعة أُسلوب الاستقصاء التامّ والنظرة الشاملة وتضافر النصوص؛ للوصول عبر تراكم الظنون إلى اطمئنان نوعيّ بالصدور، مع الاهتمام بتحشيد شامل لكلّ

1.. راجع: منتخب الأثر: ج ۳ ص ۳۰۳.

2.. جاء عن الإمام الجواد عليه‏السلام: «إنَّ القائِمَ مِنَ الميعادِ، وَاللّه‏ُ لا يُخلِفُ الميعاد» راجع: ج ۵ ص ۹۳ ح ۱۲۸۱ والغيبة للنعماني : ص ۳۰۳ ح ۱۰ .

3.. راجع الشبهات المطروحة في بعض مؤّفات المستشرقين، مثل اتان كولبرغ في مقالاته العديدة التي كتبها عن تشيّع الإماميّة أو الاثني عشر إماماً والإمام المهديّ عليه‏السلام، وشكّك في بعض معارف الشيعة. كما شكّك عثمان الخميس بكتابه متى يشرق نورك أيّها المنتظر؟ في البحوث التاريخيّة والفرعيّة، وعالج السيّد أبو الفضل البرقعي في كتاب بررسي علمي أحاديث مهدي بالفارسيّة الأحداث التاريخيّة بأسلوب نقديّ، وتصدّى أحمد الكاتب في كتابه تطوّر الفكر السياسيّ عند الشيعة بتحليل تاريخيّ لردّ الأحداث المشار إليها.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
196

وغيرها من الوقائع التاريخيّة التي لا دخل لها في البحوث الاعتقاديّة، ولا يُعتمد في إثباتها الإجراءات المتشدّدة في البحوث الآنفة الذكر، فالتسليم بهذه التفاصيل التاريخيّة أو التشكيك فيها وحتّى عدم القبول ببعض هذه الأنواع من الموضوعات أو إنكارها، لا يُسبّب مشكلة من الناحية العقائديّة.

إذن، فالإمام المهديّ عليه‏السلام و هو الابن المباشر للإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام، والإمام الثاني عشر للشيعة، والمنقذ الموعود، من أيّ أُمّ وُلد، ومتى كانت ولادته بنحو دقيق، وكيف صُوّرت تفاصيل ولادته؟ وما ناظرها من هذه الجزئيّات تعدّ موضوعات تاريخيّة، ويمكن الحكم فيها باعتماد المعايير التاريخيّة الحديثيّة، ولكن ليس من الضرويّ التسليم بها أو ردّها من الناحية الاعتقاديّة.

فما مدى تأثير كون أُمّه نرجس الأميرة الروميّة المسيحيّة الأصل وكونها من ذرّيّة النبيّ عيسى عليه‏السلام، أو فتاة علويّة باسم صيقل؟ وولادته في النصف من شعبان أو في شهر رجب أو رمضان أو ربيع الأوّل؟ أو أنّ لخبر ولادته السيّدة حكيمة أو نسيم الخادم أو معمّر بن غوث أو جار الإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام في سامرّاء؟ وحتّى كيفيّة ولادته تعدّ حادثة تاريخيّة لا ضرورة للاعتقاد بجزئيّاتها.

ولا ترتبط هذه الميزة للوقائع التاريخيّة بالماضي فقط، فيمكن تطبييقها على الأحداث ذات السمات التاريخيّة الحاكية عن المستقبل أيضاً، من قبيل: الاتّصال بالإمام عليه‏السلام في عصر الغيبة، وعلامات الظهور، وتفاصيل أوضاع العالم بعد ظهوره. أمّا أبرز هذه الأخبار فمجموعة روايات حاكية عن علامات الظهور، وجديرة بمزيد من الشرح.

وظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام وقيامه بعد عصر الغيبة أمر حتمي يبتني على أدلّة نقليّة معتبرة لها تواتر معنويّ، وتُعدّ من أُصول الاعتقاد بالإمام المهديّ عليه‏السلام لدى الشيعة. وتبرز إلى جانب هذا البحث الاعتقاديّ روايات وأخبار عن علامات الظهور بعضها حتميّ الوقوع والآخر غير حتميّ، ولا لبس في أنّ بحث تلك العلامات ليس مهمّاً بقدر البحث عن أصل قيام الإمام

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15575
صفحه از 485
پرینت  ارسال به