183
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

۱ ـ صدور الكثير عن الواحد.

۲ ـ كون المعلول أشرف من علّته.

۳ ـ وجود مخلوق أفضل من اللّه‏ سبحانه.

فلو كان صدور الأشرف قبل الأخسّ أو صدر الاثنان معاً عن اللّه‏، فسنلاقي الإشكال الأوّل، ولو صدر الأشرف بعد الأخسّ فيجابهنا الإشكال الثاني، ولو لم يصدر الأشرف أصلاً، فعندئذٍ يجب أن يكون عدم صدوره بسبب علّة أفضل من اللّه‏، فيَمثُل أمامنا الإشكال الثالث.۱

والحقّ: أنّ الإشكالات المبنائية والمحتوائيّة كلاهما يرد على هذا البرهان، فنظريّة الصدور وقاعدة «الواحد لا يصدر عنه إلاّ الواحد» ليست بديهيّة أو ثابتة. وبناء على عقيدة الخلقة في الأديان الإلهيّة، فإنّ اللّه‏ تعالى يخلق الممكنات بإرادته الحرّة، كما يمكنه خلق الأخسّ والأشرف معاً، أو خلق الأشرف بعد الأخسّ، أو عدم خلق الأشرف أصلاً.

طبيعي أن نرتضي قاعدة إمكان الأشرف على أنّها سنّة إلهيّة، ونقول: إنّ سنّة اللّه‏ تبدأ بخلق المخلوق الأكمل، مثلما جاء في الأحاديث التي ذكرت خلق نور المعصومين الأربعة عشر عليهم‏السلام قبل غيره من المخلوقات، وكما أُشير في الزيارات أيضاً ومنها زيارة الجامعة الكبيرة إلى كون الأئمّة ـ ومنهم إمام العصر عليه‏السلام ـ واسطةً للفيض وإلى حيازتهم لجميع أنواع الكمال.

غير أنّ هذه الخلقة والواسطة للفيض لاعلاقة لها بحياتهم في الدنيا، كما في الحياة الدنيويّة لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الذي هو أشرف المخلوقات ولكنّه جاء بعد كثير من المخلوقات، وبعد رحلته سيبقى واسطة للفيض أيضاً. إذن لا تُثبت هذه القاعدةُ والسنّةُ وجودَ إمام حيّ.

1.. راجع: الأسفار: ج ۷ ص ۲۴۵ ـ ۲۴۶ ونهاية الحكمة: ص ۳۲۰ وقواعد كلّي فلسفي در فلسفه اسلامي بالفارسيّة: ج ۱ ص ۲۰۱.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
182

وإذا تجاوزنا عمّا يرد من إشكالات على قاعدة اللطف، لكنّ الإشكال التالي سيفرض نفسه؛ وهو أنّ حضورالمعصوم لطف مثل وجوده، فلماذا يغيب؟!

مع ذلك فإنّنا نسلّم بأنّ بعض آثار وبركات الإمام مازالت مستمرّة في عصر الغيبة، مثل: مساعدة المؤنين، وكونه واسطة لنزول الفيض الإلهيّ، والإرشاد إلى سواء السبيل بنحو تكوينيّ وغير مباشر، وبناء على هذا البرهان يثبت وجود الإمام الغائب بغضّ النظر عن إشكالات قاعدة اللطف؛ لأنّ الآثار والبركات المشار إليها تقرّب البشر من اللّه‏ والدين، وهي مصداق اللطف، ولكن إشكال دليل الغيبة مازال ماثلاً.

كما يمكننا الاستفادة من القول السابق للنراقي، فنقول: على الرغم من أنّ حضور الإمام لطف مثل وجوده أيضاً، إلاّ أنّ هذا الحضور قد يتعارض مع حكمة اُخرى نظراً لأوضاع الناس والعالم، ولهذا لا يجب هذا اللطف على اللّه‏ في ظروف كهذه، وكما يقول الشيخ نصير الدين الطوسي:

وجوده لطف، وتصرّفه لطف آخر، وعدمُه منّا.۱

۳. برهان إمكان الأشرف

يتأسّس هذا البرهان على مقدّمتين:

الأُولى: إنّ الكمال الذي يقدّره اللّه‏ للمخلوقات يجب أن يتعلّق أوّلاً بالمخلوق الأشرف؛ لكي ينتقل عن طريقه إلى الآخرين.

الثانية: لقد وصل كثير من الكمال إلى البشر وبقيّة المخلوقات.

النتيجة: إذن يجب أن يوجد مخلوق أشرف في كلّ زمان ليكون واسطة فيض لهذا الكمال إلى الآخرين، والإمام المهديّ عليه‏السلام أشرف المخلوقات في هذا العصر.

واستناداً إلى المقدّمة الأُولى من هذه القاعدة يجب أن يقدّم الممكن الأشرف على الممكن الأخسّ في مراتب المخلوقات، وإلاّ تلزم إحدى الإشكالات الآتية:

1.. كشف المراد: ص ۳۸۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15253
صفحه از 485
پرینت  ارسال به