181
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

ومحصِّل؛ فالمقرِّب يُطلق على اللطف الذي يُمكّن من الوصول إلى السعادة والكمال ويزداد به التقرّب إلى اللّه‏ وأداء الطاعات وترك المعاصي؛ والمحصّل يُطلق على اللطف الذي بدونه لا يتحقّق الوصول إلى تلك الأُمور.۱

ويتكوّن هذا البرهان من مقدّمتين:

الأُولى: إنّ وجود إمام معصوم في كلّ زمان هو لطف.

الثانية: اللطف واجب على اللّه‏ تعالى.

النتيجة: تنصيب إمام معصوم واجب على اللّه‏ في كلّ زمان.

ويعتقد علماء الكلام أنّ اللطف واجب على اللّه‏ تعالى من حيث إنّه يؤّي إلى تحقّق غرضه في وصول الإنسان إلى الكمال والسعادة، وبناء على هذا إذا لم يلطف اللّه‏ بعباده فقد نقض غرضه؛ لأنّ غرضه من خلقة الإنسان يتوقّف على اللطف.۲

ويمكن قبول مبنى المتكلّمين هذا باعتباره سنّة إلهيّة رائجة وغالبة، لا أنّه أمر ضروريّ وواجب من ناحية عقليّة لإيصال جميع البشر إلى السعادة. وبعبارة أُخرى: إنّ اللّه‏ يلطف بعباده من باب فضله لا من باب عدله. طبيعيّ أنّ أيّ معدّل يثبت به غرض اللّه‏ تعالى، يثبت وجوب اللطف للوصول إلى الغرض بالمعدّل نفسه.

وللنراقي ملاحظة أُخرى حيث قال بوجوب اللطف بشرط أن تنعدم الموانع؛ وبما أنّ الإنسان غير عالم بجميع جوانب الفعل ولوازمه، تفقد هذه القاعدة فائدتها.۳

ويجب القول فيما يتعلّق بلطف وجود إمام معصوم: إنّ وجود هذا الإمام الذي يرفع الخلافات ويشرح أحكام اللّه‏ ويقود الناس، لطف في كلّ زمان ويبعث على تقرّب الإنسان من اللّه‏ سبحانه، وهذا الأمر يصدق في جميع الأزمنة ومنها زمننا الحاضر.۴

1.. راجع: كشف المراد: ص ۳۲۴ ـ ۳۲۵.

2.. راجع: المصدر السابق: ص ۳۲۵.

3.. راجع: خطّ امان در ولايت صاحب الزمان عليه‏السلام بالفارسيّة: ص ۱۶۶ وعوائد الأيّام: ص ۷۰۷ .

4.. راجع: المصدر السابق: ص ۳۶۲.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
180

الفطرة استناداً إلى كلّ من التفسيرين.

البيان الأوّل: إنّ لكلّ إنسان ميولاً إلى الكمال المطلق ومصدر الوجود، وللوصول إلى ذلك الكمال المطلق يحتاج إلى واسطة اجتازت الطريق مسبقا، ولها القدرة في أن توصيل الإنسان إلى اللّه‏ بهداية تشريعيّة وتكوينيّة. ومن جهة أُخرى متى ما كان للإنسان ميولاً نحو شيء ما، فيجب أن يكون ذلك الشيء متوفّرا في الخارج، وإلاّ فوجوده في الإنسان سيكون عبثيّا۱؛ إذن فاعتقاد الشعوب المختلفة بالمنقذ، يُعدّ شاهداً على وجود هذه الفطرة.

البيان الثاني: لجميع البشر معرفة باللّه‏ تعالى في فطرتهم:

كلُّ مَولودٍ يولَدُ عَلَى الفِطرَةِ؛ يَعني عَلَى المَعرِفَةِ بِأنَّ اللّه‏َ عز و جل خالِقُهُ.۲

ومن جانب آخر تعرّضت هذه المعرفة للإهمال فلم يهتمّ الإنسان بها، وبناء عليه يحتاج إلى أشخاص ـ وهم الأنبياء والأئمّة المعصومون ـ حصلوا على هذه المعرفة من قِبل اللّه‏ تعالى كي يذكّروا الناس بهذه المعرفة۳. وهذه الحاجة متواصلة وتشمل وقتنا الحاضر.

وقد أُشكِل على برهان الفطرة بأنّه يستطيع إثبات أصل وجود النبيّ والإمام، ولكنّه يعجز عن إثبات عددهم أو حضورهم وظهورهم في كلّ زمان. كما يمكن القول بأنّه بعد تذكير الأنبياء والأئمّة يتكفّل العلماء والمبلّغون الدينيّون اليوم بهذا الدور، ولا تنحصر هذه المهمّة في مسؤليّة الإمام الغائب.

۲. برهان قاعدة اللطف

اللطف هو مايفيد بنوع ما في وصول الإنسان إلى السعادة، وهو على قسمين: مقرِّب

1.. للاطّلاع على تقريرات أُخرى لبرهان الفطرة يراجع: خط امان در ولايت صاحب الزمان عليه‏السلام: ج ۱ ص ۸۷ و وجود امام مهدي عليه‏السلام در پرتو عقل: ص ۳۴ ـ ۳۷ كلاهما بالفارسيّة.

2.. التوحيد: ص ۳۳۱ ح ۹.

3.. قال أمير المؤنين الإمام عليّ عليه‏السلام عن فلسفة البعثة: «لِيَستَأدوهُم ميثاقَ فِطرَتِهِ، ويُذَكروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِهِ» نهج البلاغة: الخطبة ۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15553
صفحه از 485
پرینت  ارسال به