والدين في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة للبشر، ويؤّي إلى شرخ عميق بين طبقات المجتمعات الإنسانيّة.
فليبراليّة الغرب ـ التي تُعدّ من مبادئ العولمة الغربيّة ـ لا تتوافق مع المعتقد الدينيّ ولا مع المهدويّة الإسلاميّة؛ التي تدعو الإنسان إلى الفضيلة والحياة المعنويّة والسعادة الحقيقيّة، وتعرّف حرّيته في إطار الفضائل والمعنويّات، وفي الحقيقة لا تتنافى العقيدة المهدويّة مع حرّية الإنسان، فاللّه تعالى خلقه حرّاً مختاراً، ولكنّ حرّيته لا تعني قيامه بكلّ عمل يبتغيه حتّى لو أدّى في النهاية إلى ضلال الآخرين أو سقوطهم معنويّاً أو هلاك نفسه.
كما أنّ الإنسان لايحتاج إلى الحرّية السياسيّة والاجتماعيّة فحسب، بل هو بحاجة إلى الحرّية المعنويّة أيضاً؛ لكي يتحرّر في ظلالها من كلّ عبوديّة ورقّ لغير اللّه تعالى، من قبيل هوى النفس والسلطة والثروة والشهرة والمنصب وغيرها، وفي هذه الأجواء فقط يمكن لأيّ شخص أن يطوي بحرّية مشوار الفضيلة والحياة المعنويّة.
أمّا الليبراليّة الغربيّة فلا ترتضي هذا المفهوم للحرّية، وتعتقد بالحرّية غير المقيّدة ولا الملتزمة، في حين أنّ هذا الضرب من الحرّية ـ كما قلنا ـ يتسبّب في ظلم وسلب حرّيات آخرين.
۴. النزعة الحسّية والتجريبية
تُعدّ الحسّية من المبادئ الفكريّة للحضارة الغربيّة المعاصرة، وبناء عليه سيكون الأساس العلميّ أو الحقيقيّ لوجود أيّ شيء هو إثباته عن طريق التجربة والحسّ. بعبارة أُخرى: شُيّدت المبادئ الفكريّة الغربيّة على أساس الحسّ أو العقل المجرّد، في حين تستند المبادئ الفكريّة للعقيدة المهدويّة إلى العقل والوحي والمعارف الإلهيّة.
وطبيعي أنّ نظرة الغربيّين المادّية إلى الأشياء ستؤّي إلى إنكار الماورائيّات أو الأُمور الميتافيزيقيّة، ومن هنا لاتتوافق مبادئ العولمة الغربيّة مع أُسس العقيدة المهدويّة.