169
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

تحدّيات العولمة وما تُقدّم من فُرَص

في وسع تيّار العولمة أن يوجد تحدّيات على الصعيد الاجتماعيّ والدينيّ، كما يمكنه توفير عدّة فرص على الصعيد نفسه، وهو رهين بكيفيّة تقييم هذه المقولة، فالعولمة من جهةٍ تقلّل دور الدولة والدين في الحياة الاجتماعيّة، وتوفّر من جهةٍ أُخرى فرصة لنشر المعتقدات الدينيّة بين مجتمعات العالم، وبهذا النحو يمكن لعمليّة أو ظاهرة العولمة أن تمهّد الأرضية لحكومة الإمام المهديّ عليه‏السلام العالميّة وتتماشى معها؛ لأنّ توافق الإسلام مع الفطرة الإنسانيّة والعقل إلى جانب تقدّم العلم والإعلام، يُفضي إلى اعتناق سكّان العالم للدين الإسلاميّ. قال اللّه‏ تعالى: «وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»۱.

وترافق العولمة في حقل الاقتصاد تحدّيات وتمنع فرصا عديدة، ومن هنا اعتقد بعض العلماء بأنّ للعولمة جوانب سلبيّة وإيجابيّة في الوقت ذاته، فذهب العالم الشرقيّ ساساكوميشو إلى أنّ العولمة ظاهرة تُناقض نفسها، فيمكنها أن تُنشئ الاختلاف والتفاضل والتنوّع، أو التماثل والتجانس، وذلك وفقاً للتعامل معها.۲

فالعولمة ـ بناءً على وجهة نظره ـ لها طابع سلبيّ ؛ إذ تبعث على الاختلاف والتفاضل في المجتمع، وتجرّ المجتمعات الإنسانيّة إلى إظهار تفوّقها وأفضليّتها على المستوى العالميّ، وهذا يصبّ في مصالح أصحاب السلطة والتكنولوجيا، ويلحق الضرر بالدول النامية والعالم الثالث. ولكن لها طابع إيجابيّ أيضاً؛ لأنّها توفّر أرضيّة التماثل والتجانس في المجتمع، وهذا الأمر يتوقّف على طريقه تعاملنا مع العولمة. ومن هنا يعتقد الباحثون في حقل الدراسات المهدويّة أنّ العولمة وفقاً للنموذج الإسلاميّ هي التي تتمكّن من إقصاء العالم عن هذه التحدّيات فقط.

1.. سبأ: ۶.

2.. برادوكس جهانى شدن، همسانى و اختلاف بالفارسيّة، ساساكوميشو.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
168

ثقافة جديدة تبتغيها المجتمعات البشريّة لتعالج بها مشاكلها الكبرى، مثل الحروب والإرهاب والمجاعات والأزمات الصحيّة والتعليميّة وتدمير البيئة، ثمّ توفير دنيا جديدة وظروف معيشيّة مناسبة للإنسان.۱

وبهذا يتّضح أنّ العولمة ـ وفقاً لهذه النظريّة ـ تعدّ حصيلة التقدّم في مجال التكنولوجيا والاتّصالات الذي يختصر الزمان والمكان، ويوجّه الإنسان المعاصر نحو التفكير والعمل العالميّين.۲

۳. العولمة ظاهرة تكوّنت إثر عوامل

يرى قسم ثالث من العلماء ـ مثل ارتشان أبادوريا ـ أنّ العولمة لايمكن أن تكون مشروعاً غربيّاً أو حصيلة تاريخيّة فقط، بل الأفضل اعتبار كلاًّ منهما عاملاً مستقلاًّ لنشوء العولمة التي تعتبرها هذه النظريّة حصيلة عدّة عوامل، هي: التكنولوجيا والإيديولوجيا ورأس المال والقوميّة ووسائل الإعلام، ولهذا لايمكن عدّها عمليّة أو مشروعاً سواء كان طبيعيّاً أو متعمّداً، بل لبعضها دور أكبر في نشأة ظاهرة العولمة، وبعضها الآخر دخيل في إيجاد شطر من هذه المسيرة.۳

ويبدو أنّ نظرية هذا العالِم أكثر قرباً من الواقع؛ لأنّ المجتمع البشريّ جرّب في البداية عمليّة من التقدّم في التكنولوجيا ووسائل الإعلام تشكّلت بنحو طبيعيّ وعفويّ، وبلغ العالَم مرحلة يرى نفسه فيها أنّه قرية عالميّة واسعة.

ولا شكّ في أنّ الغربيّين حاولوا العزف على وتر التقدّم السريع من أجل الوصول إلى أهدافهم في السيطرة على العالم.

1.. سياست ومهدويّت بالفارسيّة: ص ۱۲.

2.. پديده جهاني شدن، وضعيت بشري و تمدن اطلاعاتي بالفارسيّة: ص ۱۰۱ .

3.. جامعه شناسي سياسي معاصر بالفارسيّة: ص ۱۱۴.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15565
صفحه از 485
پرینت  ارسال به