167
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

شكل للحكومة البشريّة يمكن لها أن تحكم العالم، ويرى أنّ الثقافة الغربيّة هي الثقافة الوحيدة المهيمنة على العالم، وسينعطف العالم في نهاية المطاف نحو الثقافة الغربيّة والنظام الغربيّ، ويتّجه صوب التقدّم.۱

وجَليٌّ أنّ هذه القراءة للعولمة لا تنسجم بأيّ نحو مع العقيدة المهدويّة الإسلاميّة، وإنّ كثيرا من المعارضين للعولمة ينتقدون تفسيرها بهذا المعنى، فهم يخالفون في الواقع اتّجاه العولمة الحاليّ وسيطرة الغرب، لا إقامة نظام عالميّ موحّد، ومن هنا لايعتبر بعض العلماء العولمة مشروعاً أو مخطّطاً، ويرون أنّ عوامل عديدة ساهمت في خلق مجراها.

۲. العولمة مسيرة تاريخيّة

يعتقد قسم آخر من العلماء والباحثين أنّ العولمة عمليّة تفاعل تاريخية تكوّنت إثر تطوّر التكنولوجيا ووسائل الاتّصال الحديثة، مثل الهاتف والتلفزيون والأقمار الصناعيّة وأجهزة الكومبيوتر التي أدّت إلى اطّلاع الناس في شتّى بقاع الأرض على ثقافات الشعوب المختلفة وأديانها وإيديولوجيّاتها، ممّا قادها إلى استقطاب مزيد من الاهتمام بشؤن العولمة، ثمّ أفضى ذلك شيئاً فشيئاً إلى ظاهرة العولمة التي تجرّبها مجتمعات القرن الحاضر (۲۱م).

والنتيجة: توفّر أرضيّة صالحة للحوار بين مختلف الشعوب في قضايا الثقافة والإيديولوجيا، ثمّ يتّجه الجميع بالتدريج نحو ثقافة أو إيديولوجيا عالميّة مشتركة. وبعبارة أُخرى: إنّ التقدّم في مجال التكنولوجيا والاتّصالات أدّى إلى مزيد اطّلاع لسكّان العالم على الشؤن العالميّة، ثمّ ولوجهم في قضايا العولمة.

وبهذا النحو لا تشغل الإنسان المعاصر قضاياه الإقليميّة والوطنيّة فحسب، بل يتعدّاها ذهنه إلى القضايا العالميّة أيضاً، والمجتمعات المعاصرة تتمنّى تأسيس نظام مشترك، وإيجاد

1.. نظريه برخورد تمدّن‏ها بالفارسيّة: ص ۱۶.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
166

وفي حيال هذا الاتّجاه انبرى بعضُ الباحثين لمواجهته ونقد مسيرة العولمة الغربيّة، منهم توملينسون، حيث يرى أنّ ثقافة العولمة المشهودة في عالم اليوم لم تتولّد من مسيرة طبيعيّة، ولم تنشأ من عمليّة فوضويّة، والعولمة المعاصرة ليست حصيلةً لتجارب البشر وحاجاتهم، بل هي تعكس هيمنة الثقافة الغربيّة ذات القدرة الأعلى في الوقت الراهن۱. أي يمكن القول بأنّ العولمة المعاصرة في رؤة هذا القسم من الباحثين تعني عولمة الثقافة الغربيّة. قال روجيه غارودي عن هذا الموضوع:

العولمة نظام يعزّز به الأقوياءُ أنفسَهم، متذرّعين بالعلاقات الحرّة وحرّية السوق؛ ليفرضوا على المستضعفين أنواعاً من الديكتاتوريّات اللاّ إنسانيّة.۲

وبناءً على قوله هذا، فإنّ العولمة تساوي التغريب، وهي مشروع تسريع عمليّة تغريب العالم المنتهية في آخر المطاف لصالح الولايات المتّحدة الأميركيّة. وكلّ من يعارض مسيرة العولمة يؤّد هذه القراءة في تفسيرها لها، بل حتّى إنّ بعض من يؤّد العولمة ـ مثل فرانسيس فوكوياما وصامويل هنتجتون ـ يميلون إلى هذه القراءة ويؤمنون بها. فدافع فوكوياما عن النظام الليبراليّ والرأسماليّ، ودعا العالم إلى اتّباع هذا النظام من أجل الوصول إلى التقدّم والرفاهية، ويرى أنّ بلوغ تقدّم شامل لايتأتّى إلاّ في ظلال هذا النظام؛ لأنّ النظام الغربيّ هو النظام الوحيد الذي يسعه أن يكون عالميّاً، ويؤّد على أنّ الليبراليّة الديمقراطيّة يمكنها أن تكون نقطة كمال الآيديولوجيّة، وأكمل شكل للحكومة البشريّة.۳

واعتقد صامويل هنتجتون كذلك بأنّ النظام الغربيّ والليبراليّ الديمقراطيّ هو آخر

1.. مجلّة مطالعات راهبردي بالفارسيّة: الرقم ۱۳، ص ۲۹۶ «چيستي جهاني شدن»، قدير النصري.

2.. صحيفة أبرار بالفارسيّة: ۲۷ مرداد ۱۳۷۹ش «۲۰۰/۸/۱۷م «جهاني شدن پديده‏اى تاريخي است»، أحمد الهمداني.

3.. مجلّة سياست خارجي بالفارسيّة: العدد ۲ و ۳، السنة ۱۳۷۲ش « ۱۹۹۳م «فرجام تاريخ وآخرين إنسان»، فرانسيس فوكو ياما، ترجمة: عليرضا طيّب.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15248
صفحه از 485
پرینت  ارسال به