151
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

ومحمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فانقطعت العلاقة المذكورة، وكذلك توقّف المسيحيّون عند السيّد المسيح. أمّا وأهل السنّة من المسلمين فقد توقّفوا بالعلاقة المذكورة عند النبيّ محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وباختتام النبوّة به انتهت العلاقة بين الخالق والخلق. أمّا المذهب الشيعيّ فوحده يرى ختام الرسالة بالنبيّ محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، لكنّ الولاية ـ وهي علاقة الهداية والسعي نحو الكمال ـ من بعده تبقى حيّة دائماً.

لقد ظلّت العلاقة التي تكشف عن اتّصال العالم الإنساني بالعالم الاُلوهي، حيّة من خلال الدعوات الدينيّة التي سبقت موسى عليه‏السلام، واستمرّت مع دعوات موسى وعيسى ومحمّد عليهم‏السلام، ثمّ لم تتوقّف مع النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بل استمرّت من بعده بواسطة الولاية وعبر أوصيائه ـ بحسب عقيدة الشيعة ـ، وستبقى حيّة.

وهذه الحقيقة الحيّة لايمكن اعتبارها خرافة من الزاوية العلميّة وحذفها من قائمة الحقائق أبداً.

وأرى أنّ جميع الأديان على حقّ، وهي تسعى وراء حقيقة حيّة وتشترك جميعاً في إثبات تلك الحقيقة، ولكن يبقى مذهب الشيعة وحده من كسا حياة هذه الحقيقة حُلّة الدوام والاستمرار.۱

منهجيّة الدراسات المهدويّة في الغرب

تواصلت البحوث عن الإمام المهديّ عليه‏السلام بين المستشرقين بمناهج منوّعة، أهمّها المنهج التاريخيّ ومنهج اعتماد الظواهر، وهذان المنهجان يُعدّان من الأساليب المتعارفة في الغرب والمستخدمة في دراسة وبحث قضايا العلوم الإنسانيّة؛ ومنها البحوث الدينيّة.

المنهج التاريخيّ

تكرّس الجهود في المنهج التاريخيّ لتقديم تحليل تاريخيّ مجتمعيّ عن العقيدة المهدويّة،

1.. شيعة بالفارسيّة، مجموعة حوارات مع البروفسور هنري كوربين: ص ۷۷، مجلة موعود (بالفارسيّة): الرقم ۱۴ ص ۴۰ «إمام عصر از منظرپروفسور هانرى كربن»، امين ميرزائى.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
150

إدوارد براون بدقّة في كتابه عام واحد في إيران إلى تصوير هذه التغييرات الطائفيّة وتأثيراتها الاجتماعيّة، ومن ثمّ تطوّر أُسلوب براون للدراسات الدينيّة في الوقت الحاضر حيث استخدمه الباحثون بكثرة.

يرى هذا النهج ـ بغضّ النظر عن ترديدات المرحلة السابقة ـ أنّ العقيدة المهدويّة ظاهرة ثقافيّة مؤّرة في العلاقات الاجتماعيّة والسياسيّة للدول الإسلاميّة وبخاصّة إيران، ويبحثها من منظار علم الاجتماع الثقافيّ، ويشتهر هذا المنحى في الدراسات الأميركيّة.

إنّ من أكثر القضايا خطورة للمستشرقين في دراساتهم عن الإمام المهديّ خلال العقود الثلاثة الأخيرة: هي ربط العقيدة المهدويّة الشيعيّة بالإدارة السياسيّة للمجتمع وقدرتها على تقديم نظرية عالميّة، وينبغي البحث عن جذور هذه المسألة الخطيرة في تأثير هذه العقيدة في التطوّرات السياسيّة والاجتماعيّة بإيران إبّان الثلاثين عاماً الأخيرة.

ومرّة أُخرى بلغ اهتمام المستشرقين ذروته عند حدوث الثورة الإسلاميّة في إيران وتطبيق نظريّة ولاية الفقيه عمليّا في إدارة المجتمع، فاكتسبت العقيدة المهدويّة في هذه المرحلة أهمّية ستراتيجيّة وسياسيّة وإداريّة عند الغربيّين.

۲. الأُسلوب العرفانيّ و المعنويّ

تناول بعض المستشرقين العقيدة المهدويّة بالدراسة والتقييم من حيث آثارها العرفانيّة والمعنويّة في الأخذ بيد الإنسان والمجتمع إلى ضفاف الكمال. ومن أشهر الباحثين وفقاً لهذا النهج الفيلسوف الفرنسيّ هنري كوربين الذي قال في هذا المجال:

أعتقد أنّ المذهب الشيعيّ هو المذهب الوحيد الذي حافظ على علاقة الهداية الربّانيّة بين اللّه‏ وخلقه حيّةً دائما ً، وسعى بنحو مستمرّ ومتواصل للإبقاء على الولاية نابضة بالحياة قويّة الأركان، فاليهوديّة أنهت العلاقة الحقيقيّة بين اللّه‏ والعالم الإنسانيّ في شخص موسى عليه‏السلام، ولم تعترف من بعده بنبوّة المسيح

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15426
صفحه از 485
پرینت  ارسال به