إدوارد براون بدقّة في كتابه عام واحد في إيران إلى تصوير هذه التغييرات الطائفيّة وتأثيراتها الاجتماعيّة، ومن ثمّ تطوّر أُسلوب براون للدراسات الدينيّة في الوقت الحاضر حيث استخدمه الباحثون بكثرة.
يرى هذا النهج ـ بغضّ النظر عن ترديدات المرحلة السابقة ـ أنّ العقيدة المهدويّة ظاهرة ثقافيّة مؤّرة في العلاقات الاجتماعيّة والسياسيّة للدول الإسلاميّة وبخاصّة إيران، ويبحثها من منظار علم الاجتماع الثقافيّ، ويشتهر هذا المنحى في الدراسات الأميركيّة.
إنّ من أكثر القضايا خطورة للمستشرقين في دراساتهم عن الإمام المهديّ خلال العقود الثلاثة الأخيرة: هي ربط العقيدة المهدويّة الشيعيّة بالإدارة السياسيّة للمجتمع وقدرتها على تقديم نظرية عالميّة، وينبغي البحث عن جذور هذه المسألة الخطيرة في تأثير هذه العقيدة في التطوّرات السياسيّة والاجتماعيّة بإيران إبّان الثلاثين عاماً الأخيرة.
ومرّة أُخرى بلغ اهتمام المستشرقين ذروته عند حدوث الثورة الإسلاميّة في إيران وتطبيق نظريّة ولاية الفقيه عمليّا في إدارة المجتمع، فاكتسبت العقيدة المهدويّة في هذه المرحلة أهمّية ستراتيجيّة وسياسيّة وإداريّة عند الغربيّين.
۲. الأُسلوب العرفانيّ و المعنويّ
تناول بعض المستشرقين العقيدة المهدويّة بالدراسة والتقييم من حيث آثارها العرفانيّة والمعنويّة في الأخذ بيد الإنسان والمجتمع إلى ضفاف الكمال. ومن أشهر الباحثين وفقاً لهذا النهج الفيلسوف الفرنسيّ هنري كوربين الذي قال في هذا المجال:
أعتقد أنّ المذهب الشيعيّ هو المذهب الوحيد الذي حافظ على علاقة الهداية الربّانيّة بين اللّه وخلقه حيّةً دائما ً، وسعى بنحو مستمرّ ومتواصل للإبقاء على الولاية نابضة بالحياة قويّة الأركان، فاليهوديّة أنهت العلاقة الحقيقيّة بين اللّه والعالم الإنسانيّ في شخص موسى عليهالسلام، ولم تعترف من بعده بنبوّة المسيح