149
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

بجهود تلامذته. وضّح جولتسهير رأيه بالعقيدة المهدويّة الإسلاميّة بالنحو الآتي:

يرجع أصل فكرة المهديّ إلى عناصر يهوديّة ومسيحيّة، وأُضيفت إليها بعض خصائص السوشيانت الزرادشتي، كما زادت عليها أذهان المتخيّلين بعض المطالب أيضاً، فغدت العقيدة بالمهديّ مجموعة من الأساطير... لقد نسبوا أحاديث للرسول صوّرت بدقّة أوصاف المهديّ، في حين أنّ هذه الأحاديث لم ترد بأيّ نحو في المؤّفات التي عنت بجمع الروايات الصحيحة.۱

ثمّ كرر مارغليوث هذه الشبهة في مدخل «المهديّ» بدائرة المعاررف الإسلاميّة، فقال:

وكيفما فسّروا الأحاديث فلا يتحصّل منها دليل مقنع لنتصوّر أنّ نبيّ الإسلام اعتبر ظهور مهديّ للأحياء ضرورة حتميّة من أجل تحقيق الإسلام وإكماله وتعزيزه.۲

ومجموع ما نُشر من دراسات للكتّاب اليهوديّين يقود إلى أنّ هذا الاتّجاه مازال شائعاً بين بعض المستشرقين، كما يجدر التنويه بأنّ الجذور التاريخيّة للتشكيك بصحّة الروايات المتعلّقة بالإمام المهديّ في العالم الإسلاميّ تعود إلى ابن خلدون، وشبهة النظرة الأُسطوريّة إلى العقيدة المهدويّة في الوقت الحاضر ترجع إلى أحمد كسروي.

المرحلة الثانية: تنوّع الأساليب

ظهرت أساليب أُخرى بين المستشرقين ـ إضافة إلى النظرة التشكيكيّة ـ بحثت في كيفيّة تجريد العقيدة المهدويّة من اعتبارها وتأثيرها في الفكر الإسلاميّ، ويمكن عدّ تلك المناهج مرحلة خاصّة في دراسات المستشرقين عن الإمام المهديّ عليه‏السلام:

۱. الأُسلوب السياسيّ والاجتماعيّ

استقطب اهتمام الغربيّين جدّاً ظهور الفرق القائمة على أساس العقيدة بالإمام المهديّ عليه‏السلام، وما تعرّضت له من انشقاقات، وأصداؤا الاجتماعيّة في العهد القاجاريّ. فمثلاً سعى

1.. العقيدة والشريعة في الإسلام: ص ۹۳، نقلاً عن ذهنيت مستشرقين بالفارسيّة: ص ۶۰.

2.۱. Encyclopedia of Religion and Ethics, Vol. VIII.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
148

الإسلاميّ۱، ومن هذا القبيل نظرة جولتسيهر اليهوديّ في إنكار اعتبار الروايات الواردة في شأن الإمام المهديّ. نعم، إنّ بعض الباحثين اليهود تعرّضوا للعقيدة المهدويّة من منظار تاريخيّ دينيّ بحت من دون التأكيد على تأثير العقائد اليهوديّة في نشأتها، منهم: بليشفلات۲ ولاتساروس۳ ونقاش.۴

المراحل التاريخيّة والأساليب

يمكن تقسيم الدراسات الاستشراقيّة عن الإمام المهديّ عليه‏السلام ـ من حيث التاريخ والأُسلوب ـ إلى مراحل وأنواع في كلّ فترة زمنيّة، فعندما نستقصي مسيرة البحوث الغربيّة من زاوية تاريخيّة يتّضح أنّ الدراسات المهدويّة اكتسبت خطّاً تدرّجيّاً تكامليّاً متأثّراً بالتطوّرات الاجتماعيّة والسياسيّة في العالم الإسلاميّ وبخاصّة الدول الشيعيّة.

الاهتمام الرسميّ للمستشرقين بموضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام بدأ من النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلاديّ، حينما قرّروا تأليف دائرة معارف الإسلام ووجوب تخصيص مدخل بالإمام المهديّ عليه‏السلام في الفكر الإسلاميّ، ولهذا جاءت اهتماماتهم بالموضوع خلال الدورة الأُولى متفرّقة متجزّئة وأكثرها في غضون البحوث الحديثيّة والتاريخيّة، وأوّل تأليف مستقلّ لهم في الإمام المهديّ عليه‏السلام يعود إلى العقود الأخيرة.

المرحلة الأُولى: النظرة التشكيكيّة والأُسطوريّة حيال الإمام المهديّ عليه‏السلام

شرعت هذه الدورة بتشكيكات جولتسهير في صحّة التراث الإسلاميّ الحديثيّ وشبهة عدم الوثوق التاريخيّ بالروايات، ومن ثمّ بلغت النظرة الأُسطوريّة إلى الإمام المهديّ ذروتها

1.. المصدر السابق .

2.۱. Early Mahdism Politics and Religon in the Formative Period of Islam, Blichfeldt, Series StudiesOrientalia Landen Sia-۲, ۱۹۸۵.

3.۲. Some Religios Aspecets of Islam, Hava Lazarus Yafeh, Leiden, ۱۹۸۱, p.p ۴۸-۵۷.

4.۳. "An Attempt to Trace the origin of the rituals of Ashura", Yitzhak Nakash, in Die des Islam, ۱۹۹۳ ,vol ۳۳, pp. ۱۶۱-۱۸۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15415
صفحه از 485
پرینت  ارسال به