وقد تعزّزت أرضيّة الدراسات عن الشيعة بعد الثورة الإسلاميّة في إيران وتثبيت دعائم الحكم الإسلاميّ فيها، ولكن لم نجد من هذه الراسات ما يتّسم بالشموليّة المطلوبة وطغت على أغلبها النظرة الأُحاديّة في مجال السياسة أو التاريخ، كما سيأتي ذلك لاحقاً.
العقيدة المهدويّة في مؤّفات المستشرقين
اكتسب موضوع الإمامة منزلة متميّزة في دراسات الغربيّين من بين شتّى الموضوعات المعنيّة بتعريف المذهب الشيعيّ؛ و ذلك لصلتها الوثيقة بأساس هذا المذهب، ويعدّ البحث عن الإمام المهديّ عليهالسلام فرعاً من فروع دراسات الإمامة في البحوث الشيعيّة لدى الغربيّين، ولكنّه لم يستقطب كثير اهتمام بادئ ذي بدء، ورغم ذلك فقد تعرّضوا له في دراساتهم.
لايقصد بالضرورة من المهديّ في بحوث المستشرقين: المهديّ الشخصيّ الذي يؤن به الشيعة الاثني عشريّة، بل أكثرها ترتبط بالمهديّ النوعي وتشمل بحوثاً هامشيّة، كما أنّ أكثر الباحثين المهتمّين بالعقيدة المهدويّة في الغرب هم من اليهود، وبعضهم من المسيحيّين، وأغلب اتّجاهات اليهود صهيونيّة، حيث تميل جلّ بحوثهم إلى القضايا الأساسيّة، وترتبط من حيث المحتوى بأُمور السياسة والحكم، ومن خصائص مؤّفات هذه المجموعة من المستشرقين: توجيه الآراء النقديّة المغرضة، والسعي إلى توهين ركائز العقيدة المهدويّة ومستنداتها التاريخيّة والروائيّة.
أمّا رؤة المستشرقين المسيحيّين فهي أكثر اعتدالاً بقليل من النظرة اليهوديّة، وانصبّ أغلب اهتمامهم على دراسة علاقة العقيدة المهدويّة الإسلاميّة بتعاليم رجعة المسيح في آخر الزمان، وكأنّهم يرونها منافساً لعقائدهم بالآخرة.