143
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

وقد تعزّزت أرضيّة الدراسات عن الشيعة بعد الثورة الإسلاميّة في إيران وتثبيت دعائم الحكم الإسلاميّ فيها، ولكن لم نجد من هذه الراسات ما يتّسم بالشموليّة المطلوبة وطغت على أغلبها النظرة الأُحاديّة في مجال السياسة أو التاريخ، كما سيأتي ذلك لاحقاً.

العقيدة المهدويّة في مؤّفات المستشرقين

اكتسب موضوع الإمامة منزلة متميّزة في دراسات الغربيّين من بين شتّى الموضوعات المعنيّة بتعريف المذهب الشيعيّ؛ و ذلك لصلتها الوثيقة بأساس هذا المذهب، ويعدّ البحث عن الإمام المهديّ عليه‏السلام فرعاً من فروع دراسات الإمامة في البحوث الشيعيّة لدى الغربيّين، ولكنّه لم يستقطب كثير اهتمام بادئ ذي بدء، ورغم ذلك فقد تعرّضوا له في دراساتهم.

لايقصد بالضرورة من المهديّ في بحوث المستشرقين: المهديّ الشخصيّ الذي يؤن به الشيعة الاثني عشريّة، بل أكثرها ترتبط بالمهديّ النوعي وتشمل بحوثاً هامشيّة، كما أنّ أكثر الباحثين المهتمّين بالعقيدة المهدويّة في الغرب هم من اليهود، وبعضهم من المسيحيّين، وأغلب اتّجاهات اليهود صهيونيّة، حيث تميل جلّ بحوثهم إلى القضايا الأساسيّة، وترتبط من حيث المحتوى بأُمور السياسة والحكم، ومن خصائص مؤّفات هذه المجموعة من المستشرقين: توجيه الآراء النقديّة المغرضة، والسعي إلى توهين ركائز العقيدة المهدويّة ومستنداتها التاريخيّة والروائيّة.

أمّا رؤة المستشرقين المسيحيّين فهي أكثر اعتدالاً بقليل من النظرة اليهوديّة، وانصبّ أغلب اهتمامهم على دراسة علاقة العقيدة المهدويّة الإسلاميّة بتعاليم رجعة المسيح في آخر الزمان، وكأنّهم يرونها منافساً لعقائدهم بالآخرة.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
142

وطأة هذه النظرة الخاطئة.

كتب أتان كلبرك في تقييم دراسات الغربيّين عن الشيعة:

إنّ عدد الدراسات المخصّصة بالشيعة الإماميّة إلى النصف الثاني من القرن العشرين قليلة وليست بشيء يذكر؛ لأنّه لم تخصّص سوى صفحتين لفهرسة عناوين المقالات المخصّصة بمذهب الشيعة الاثني عشريّة من ۸۲۴ صفحة في أوّل مجلّد من مجموعة «Index Islamicus» التي غطّت على أحداث الأعوام ۱۹۰۶ ـ ۱۹۵۵م. وعلى الرغم من أنّ أوّل تأليف شامل قام به دونالدسون في كتابه «Shiite Religion» المنشور سنة ۱۹۳۳م، لكن عدد الكتب المخصّصة بهذا الموضوع قليلة جدّاً.۱

وعزى السيّد حسين نصر سبب عدم اطّلاع الغرب على المذهب الشيعيّ إلى تلاشي انعدام التواصل العلميّ السليم بين الباحثين الغربيّين وعلماء الشيعة الأصليّين، وذلك في بحثه عن أهمّية علاقة الفيلسوف الفرنسي هنرى كوربون بالعلاّمة السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ، فقال:

حتّى يمكن القول بأنّه لم تحدث مثل هذه المقاربة بين الشرق الإسلاميّ والغرب منذ القرون الوسطى حيث قُطعت العلاقة الفكريّة والمعنويّة الأصيلة بين الإسلام والمسيحيّة... فالغرب له اتّصالان مباشران بالإسلام لحدّ الآن: أحدهما مع العرب في الأندلس، والآخر مع الأتراك في شرق أُوروبا، وكان تواصله فيهما مع الإسلام السنّي، واتّصل في بعض الحالات المحدودة مع الإسلام الشيعيّ الإسماعيليّ. فلم يتّصل الغرب أبداً مع العالم الشيعيّ وبخاصّة إيران الشيعيّة... والمذهب الشيعيّ ـ كما هو ـ مغمور الأتباع في العالم؛ ومن هنا اعتبر المستشرقون المذهب المذكور دائما على أنّه بدعة في الإسلام، بل عدّه بعضهم ابتكاراً لعدد من العلماء.۲

1.۱ . Western Studies of Shi'a Islam, p.۴۰.

2.. شيعه در إسلام: ص ۱۳ ـ ۱۴ بالفارسيّة، مقدّمة السيّد حسين نصر. وقد ترجم السيّد حسين نصر هذا الكتاب للعلاّمة الطباطبائيّ وكتب له مقدّمة، ونشره في أُرووبا وأميركا سنة ۱۹۶۹م، وخطا خطوة نحو الأمام بدراسات الغربيّين عن الإماميّة التي كانت مبتنية على مؤّفات مونتغمري واط وآن لمبتون.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15276
صفحه از 485
پرینت  ارسال به