15
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

ثورة، تتقوّم على أساس الدين، على أساس الفقه، على أساس الشريعة، من الّذي كان يتصوّر ذلك؟! لا أحد، ولو قال شخص: إنّي كنت أعلم بحدوث ذلك، فلا يكون إلاّ من خلال طرق غيبيّة؛ لأنّ الحسابات لا تفصح عنه أبدا. غير أنّه تحقّق، فلنعلم أنّ ذلك الوعد الأصلي، ذلك العمل العظيم سيتحقّق أيضا. وهذا أُنموذج ممّا سيحدث، فيجب الانتظار.

ورؤية الأديان هذه إلى خاتمة المطاف ونهاية مسير القافلة البشرية، هي نظرة تبعث على مزيد من الأمل. والحق أنّ حالة الانتظار وحالة الارتباط والعلاقة بإمام العصر (أرواحنا فداه)، وانتظار ظهوره، وانتظار ذلك اليوم، واحدة من أعظم نوافذ الفرج للمجتمع الإسلامي. ونحن ننتظر الفرج، وهذا الانتظار نفسه فرج، هذا الانتظار ذاته هو نافذة للفرج تدعو إلى الأمل والعزم، وتحول دون الإحساس باللاجدوى، والخسران، واليأس، والحيرة والضياع حيال المستقبل. تهب الأمل والهدف معا.

هذه هي قضية إمام العصر عليه‏السلام، ونرجو من اللّه‏ سبحانه أن يجعلنا من المنتظرين بجميع ما تحويه هذه الكلمة من معانٍ حقيقية، ويُقرّ أعيننا بتحقّق هذا الوعد الإلهي.

فيما يتعلّق بمجموعة أعمالكم أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء بإدارة فضيلة الشيخ الري شهري و التي أنجزتموها في هذه الأعوام، فينبغي حقّا أن أشكركم عليها، فقد أُنجزت أعمال حديثة وجيدة للغاية. والمهمّ هو أن تتنشط الأذهان لمعرفة مواقع الفراغ، وهذا بحدّ ذاته فنّ عظيم، فالعثور على الضالّة فنّ مهم، حيث يتحرّى الإنسان ويجد مجالات الفراغ. ومجموعتكم هذه اجتازت ـ لحسن الحظّ ـ اختبارا موفّقا في هذا المجال، فعثرت على مجالات الفراغ وسعت إلى ملئها.

فقضية القرآن والحديث قضية في غاية الأهمّية، وأهمّ مرجع في موضوع العقيدة المهدوية والقضايا المتعلّقة بإمام العصر عليه‏السلام ـ مثل: الانتظار، وطول العمر، وعصر حكومته، وواجبات المنتظرين، وقضايا أُخرى متنوّعة ـ هو عبارة عن الحديث وما نقل عن الأئمّة عليهم‏السلام، حيث إنّه لايدع مجالاً للشكّ، وهذا هو أهمّ الأُمور.

أنا اعتقد أيضا بما أشار إليه فضيلة الشيخ الري شهري، من إمكانيّة اتّخاذ الشواهد العقلية والاعتبارية بصفتها مؤيّدات للموضوع، غير أن الفيصل القاطع في الأمر هو المصادر


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
14

فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَ لاَ تَخَافِى وَ لاَ تَحْزَنِى إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَ جَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ»۱، حيث جاء فيها وعدان: الأوّل: الوعد بإرجاع موسى إلى أُمّه، والثاني: «وَ جَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ»، وهو ذلك الوعد العامّ الذي أُعطي إلى بني إسرائيل بقدوم المنقذ والمنجي من قبل اللّه‏، فكانوا ينتظرون قدومه لينجيهم من براثن فرعون. فاللّه‏ سبحانه و تعالى أعطى الوعد الثاني أيضا في وحيه إلى أُمّ موسى: «وَ جَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ»، أي سنرسله من قبلنا، ونجعله الرسول ذاته الذي يحقق ذلك الوعد والأُمنيّة العظيمة.

منح اللّه‏ سبحانه ذينك الوعدين، أحدهما نقد وقريب، وهو «إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ»، وفي الآيات التالية التي لم يقرأها ـ مع الأسف ـ السيّد سبز علي۲ يقول: «فَرَدَدْنَهُ إِلَى أُمِّهِ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَ لاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»۳، فعندما نُرجع الطفل إلى أُمّه، فبالتأكيد سوف «تَقَرَّ عَيْنُهَا» ومن ثمّ «وَ لاَ تَحْزَنَ»، وسيدخل السرور والاطمئنان إلى قلبها، ولكنّ الأثر الآخر لهذا الإرجاع هو: «وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ»، لتدرك أنّ ما وعدنا به ـ وقلنا بأنّنا سنرسل منقذا يخلّص مجتمع بني إسرائيل من الاستضعاف في مصر ـ هو وعد حقّ؛ ليطمئنّ قلبها، وتهدأ نفسها. أي تحقّق وعد إلهي صغير من أجل أن يطمئنّ كلّ إنسان واعٍ متدبّر إلى أنّ ذلك الوعد الكبير سيتحقّق أيضا.

إنّ ما تحققّ للبشرية على مرّ التاريخ من نجاحات عبر الدين هو تلك الوعود الصغيرة، ومنها الجمهورية الإسلامية فهي أحد تلك الوعود، فقد وعد اللّه‏ تعالى أنْ إذا ما جاهدتم وصبرتم وتوكّلتم على اللّه‏ فسنهبكم القدرة من حيث لاتحتسبون ولا تتوقّعون. وهذا ما حصل فعلاً، فالشعب الإيراني جاهد وصبر وقاوم وضحّى، ولم يبخل بالأرواح، فحدث ما لم يتصوّره أحد!

من الّذي كان يتصوّر أنّ في هذه المنطقة الحسّاسة للغاية، في هذا البلد المهمّ للغاية، في مواجهة ذلك النظام المدعوم بكثافة من قبل القوى العالمية، ستتكوّن حكومة، وتنتصر

1.. القصص : ۷ .

2.. قارئ الآيات التي تلاها في بداية اللقاء .

3.. القصص : ۱۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15814
صفحه از 485
پرینت  ارسال به