الحواجز التي أُقيمت أحياناً بوجه الهدف في جميع هذه الأديان الداعية إلى الخلاص الجماعيّ، فاكتفى الناس بالحدّ الأدنى وفكّروا بالخلاص الفرديّ.
۹ ـ من المميّزات الاُخرى للمنقذ الصينيّ الموعود التي ترجع إلى البُعد الإنسانيّ والخلاص الجماعيّ؛ هي تصدّيه للحكم. ويمكن تصوير الخلاص الجماعيّ على أنحاء ثلاثة:
الأوّل: اعتباره أمرا أُخرويّا أساساً، ينجو في ظلّه جميع أفراد البشر، ونستطيع أن نعدّ ظاهرة الخلاص المسيحيّة في ديانتها من هذا النمط.
الثاني: اعتباره نوعا من النجاة في الدنيا لا تتمركز حول تشكيل حكومة ما، بل تقيم أرضيّات السعادة والرفاه والعدالة دون تأسيس الحكم.
الثالث: اعتباره نوعا من النجاة الدنيويّة والفرديّة تتحقّق في ظلّ حكومة عالميّة.
وترى الثقافة الصينية أنّ للحكومة منزلة عظيمة، فهي أمر ملكوتيّ، ويمكن القول بناء على التصريحات المطروحة عن الخلاص أنّ النجاة في الثقافة الصينيّة تتمّ في ظلّ حكومة شاملة.
إنّ من مميّزات عقيدة المنقذ الموعود في الثقافة الصينيّة أنّ له منحىً ماضويّاً، فتضمّ الثقافة المذكورة شيئاً باسم «إعادة الخلق»، وقد تحقّق على أيدي الأباطرة الأُسطوريّين في عهود قديمة أُطلق عليها بـ «العصر الذهبيّ»، وتأمل عامّة الناس في إحياء ذلك العصر بمجيء المنقذ الموعود. وتأتي هذه القضيّة وفقاً لما تقتضيه النظرة الكونيّة الصينيّة أيضاً؛ لأنّ نظرتهم للعالم قائمة على أساس أدواريّ يتكرّر وفقاً لأدوار منظّمة، وبناء على هذه النظرة فالعصر الذهبيّ قد تحقّق قبل سابقا عدّة مرّات لا مرّة واحدة، ومازلنا في طريق تحقّقه مرّة اُخرى.
۱۱ ـ آخر ميزة لعقيدة المنقذ الموعود في ثقافة الصين هي أنّ الصينيّين ينظرون بتبجيلٍ للأديان المطروحة في ثقافتهم، ومنها الأديان الثلاثة: الكونفوشيوسيّة، والطاويّة، والبوذيّة،