131
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

۵ ـ جانب آخر من السلام العظيم كونه يغطّي الكون وجميع العالم، فالكمال العالميّ في تعاليم المنقذ الصينيّ الموعود لايشمل البشر فحسب، بل يغطّي ذرّات العالم بأجمعها، كما لاتقام العدالة المطروحة في هذه التعاليم بين الناس وحدهم، بل تُصلح العلاقات بين البشر والطبيعة (الحيوانات والنباتات والجماد) أيضاً؛ لأنّ السلام العظيم في الثقافة الصينيّة يوصل الكون كلّه إلى الانسجام والاعتدال، ويُفضي إلى استئصال أيّ ذرّة من الظلم والإجحاف في جميع أرجاء العالم.

۶ ـ من جانب آخر، إنّ تعاليم السلام العظيم في الثقافة الصينيّة لا تُصلح العلاقات الماديّة للإنسان فحسب تحت ظلال العدالة، بل تنشر الفضائل الأخلاقيّة بنحو تُقصي الإنسان عن الأنانيّة، وبعد ازدهار العدالة تُقيم الإيثار والتسامح والعطف والرحمة بين البشر.

لقد أكّدت الثقافة الصينيّة على الجوانب الأخلاقيّة للسلام العظيم أكثر من الجوانب الماديّة، بحيث اعتبرت إحدى الخصائص المهمّة للمنقذ الموعود امتلاكه لقوّة أخلاقيّة يسيطر بها على جميع البشر؛ لا بالقوّة العسكرية.

۷ ـ على الرغم من أنّ للمنقذ الموعود صفات إلهيّة في الثقافة الصينيّة، لكنّها تعتبره خبيراً بالقضايا الدنيويّة أيضاً، وهذا لا يُستشفّ من مجموع هذه التعاليم فقط، بل هو واضح من بعض التنظيرات المطروحة في أنّ المنقذ الموعود ينبغي أن يكون عالماً بالشعائر، وحتّى بعلم الموسيقى.

۸ ـ اتّضح من الخصائص السابقة أنّ تعاليم المنقذ الصينيّ الموعود لا تتطلّع إلى خلاص مجموعة وأفراد مخصّصين أو هي مقتصرة على المجتمع الصينيّ، بل هي تشمل جميع أفراد البشر، ولكن من المفيد الإشارة إلى أنّ بعض المجتمعات الصينيّة أو بعض الفترات في تاريخ الصين قد نادت بالخلاص الفرديّ، حيث شُغل البشر إمّا بالتفكير فقط في خلاص أنفسهم على يد المنقذ، وإمّا باعتبار مجموعة خاصّة هي الناجية. وقد نشأت هذه الاختزالية بسبب


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
130

۲ ـ على الرغم من كون المنقذ الموعود في الثقافة الصينيّة شخصا ذا صفات محدّدة، ولكن يبدو أنّه لم يُحدَّد أحد معيّن لهذه الغاية؛ بل تمّ تحديد صفاته فقط، نعم، هناك أشخاص عديدون في تاريخ الصين وثقافتها عُرفوا كمنقذين، إلاّ أنّ ذلك لم يكن على أساس الخصوصيّة الشخصيّة، بل لامتلاكهم صفات المنقذ وخصائصه، ولذلك عُرفوا بهذا المنصِب، فمثلا نقرأ في كلمات كونفوشيوس أنّه ينتظر ليغدو المنقذ، ونلاحظ هذا الانتظار لدى منسيوس أيضاً، وما تعرضه الأساطير الصينيّة من ثورات تحرّريّة عديدة باسم ولقب المنقذ واستغلال الملوك للاسم واللقب المشار إليه، تُفصح أنّ إطلاق المنقذ على شخص، مجرّد تلقيب و لا يعني أنّ المنقذ شخصيّة محدّدة بعينها، بل الأمر على العكس تماماً؛ و من هنا نجد شخصيّات عديدة ترغب في أن تكون هي المنقذ الموعود.

۳ ـ من الملاحظات الطريفة عن المنقذ الموعود في الثقافة الصينيّة صفاته وخصائصه، فهو لم يكن بشراً عاديّاً أبداً، ومع وجود الاختلاف بين الكونفوشيوسيّين والطاويّين في هذا المجال، نجدهم يتّفقون على ضرورة حيازة الموعود الصينيّ لقوى خارقة امتلكتها أباطرة الصين الأُسطوريّون أيضاً، ولهذا فالموعود الصينيّ شخص ربّانيّ، وكونه كذلك ليس لمجرّد صفاته الخاصّة وقوّته الخارقة التي ستبدّل إلى ذاتٍ لايتسلّل إليها الموت، بل يجب أن ينال إجازة إلهيّة للظهور، وربّما هناك أشخاص في تاريخ الصين ـ نظير كونفوشيوس ـ امتلكوا مثل تلك القوّة، ولكنّهم لم ينهضوا بهذا الأمر؛ لعدم حصولهم على رخصة للظهور. ولايخفى أنّ بعض النصوص صوّرت المنقذ الصينيّ الموعود بأُصول إنسانيّة اكتسبت سمات إلهيّة.

۴ ـ يسعى المنقذ الموعود في الثقافة الصينيّة إلى إقامة حكومة عالميّة موسّعة تتكفّل بجميع البشر، وهذه إحدى جوانب السلام العظيم الذي طرحته البحوث السابقة، وينال فيه جميع الناس وكلّ المجتمعات السعادةَ والرفاه بتعاون عامّ وحكومة شاملة، فيحزم الفقر والتعاسة والحرب وسفك الدماء والظلم والجور أمتعتهم تحت ظلالها، ويرتحلون عن العالم الإنسانيّ إلى حيث لارجعة.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15834
صفحه از 485
پرینت  ارسال به