127
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

والخلاصة: إنّ الموعود البوذيّ في هذه التطوّرات إله واحد له ثلاثة أدوار مختلفة، ويتشكّل بثلاثة أشكال في ثلاث فترات وأماكن متباينة، فهو:

أ ـ إنسان عاديّ في العالم الترابيّ الماضي.

ب ـ بوذا حاكم عالم توشيتا في الوقت الحاضر.

ج ـ بوذا طاهر أصليّ باسم «كتومتي»في المستقبل البعيد.

والموعود البوذيّ يتطلّع إلى المستقبل؛ لأنّه لم توجد مثل هذه الأوضاع للوصول إلى نيرفانا في الماضي، ولكن قبل أن ينقص طول عمر الإنسان وجدت فترة سلام واطمئنان أيضاً كعهد ميتريا، ومن هنا ربّما تشبّهت بالمرحلة الماضية من لحاظ المجتمع والحياة الظاهرية للناس، غير أنّها من حيث الخلاص المعنويّ حالة فريدة ومثاليّة ناظرة إلى المستقبل.

أثّرت النصوص الدينيّة حول الموعود البوذيّ في حياة الناس وفي المعتنقين للبوذيّة أكثر ممّا جاء في نصوص شريعة بالي وغيرها ممّا سبقت الإشارة إليه، ويرى الناس وأتباع الديانة البوذيّة من الناحية العمليّة أنّ ميتريا هو بوذاسف حيّ وله دور، واعتبروا الوصول إلى حضرته سنّة متواصلة. غير أنّ أخبار النصوص المقدّسة المنوّعة ـ والمتناقضة أحياناً ـ للديانة البوذيّة تعكس حالة التذبذب في عقيدة الموعود، ويمكن للبوذيّين والعوامّ إدراك تطوّرها كمنظومة فكريّة، كما في وسع الحكّام والسياسيّين الاستفادة منها.

إذن ينبغي اعتبار أنواع الموعودين البوذيّين التي طالتها يد التغيير على مدى القرون، متباينة في بعض خصائصها الظاهريّة والمفهوميّة إذا ما قيست بمختلف الشرائع.

المنقذ في الأديان الصينيّة

بُنيت الأديان الصينيّة بنحو تقليديّ على أساس سُنن العبور من مراحل الحياة (الولادة والبلوغ والزواج والدفن)، ومداولة المهرجانات السنويّة القائمة على أساس التقويم


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
126

وأُضيف المزيد إلى فروعها وأوراقها.

ولا يمكن استخراج عمل كونيّ مخصّص بميتريا من مجموعة الأقوال المنسوبة إلى بوذا، ولكنّ نصوصاً من قبيل اناغتومسا دسنا۱ نقلت حوداث عجيبة ومعجزة في عصر ميتريا، تُعدّ نوعاً من العمل الكونيّ للموعود البوذيّ، ويبدو أنّ تيسير الوصول إلى نيرفانا في عهد ميتريا نوع من العمل الكونيّ الخاصّ؛ لأنّ سامسارا ونيرفانا وجهان لعملة واحدة، وعندما يسهل الوصول إلى نيرفانا في عهد ميتريا، فهذا يعني في الواقع حدوث تغيير في سامسارا، وهي نفس حلقة العلّة والمعلول في عالمنا.

ليس سبب هذا التغيير الكونيّ وجود العدالة والفضائل الأخلاقيّة في العالم؛ إذ أنّ لأغلب عصور البشر ملوكا عادلين وأصحابَ مجتمع أخلاقيّ، ولكنّ لم يكن الوصول سهلاً إلى نيرفانا إلى هذا الحدّ كما هو عليه في عهد ميتريا، ومع ذلك فلتكرار تعليم العقائد السابقة (دارما بوذا) ونشرها، دور في هذا الأمر أيضاً.

الموعود البوذيّ موعود نهائيّ، ففي عصر ميتريا يُفتح باب نيرفانا على مصراعيه ويخرج الجميع من سامسارا. كما أنّ عبادة ميتريا من وجهة نظر الأتباع العاديّين طريقة لإيجاد كرما (عمل) صالح لأنفسهم، وضمان لفلاحهم في المستقبل. فالولادة المجدّدة في عهد ميتريا تمنح أملاً بالنجاة الدائمة لمعتنقي هذه الديانة، كما أنّه لا أصالة في إعادة أُخرى للمراحل الكونيّة من منظار نصوص شريعة بالي وغير التبتيّة في أقلّ تقدير. إذن يمكن إطلاق الموعود النهائي على ميتريا.

وفي الدول البوذيّة الشمالية ـ وبخاصّة كوريا واليابان ـ يمجّدون ميتريا قبل «شاكيا موني» نفسه؛ أي قبل بوذا التاريخيّ. ويبدو أنّ أكبر تأثير لميتريا يبدأ من القرن الثاني إلى الثامن الميلاديّ، وقد بلغ ذروته في حدود القرن الخامس. وأخيراً عرّفت الديانة البوذيّة «تنترا يانا» على أنّه «دياني بوذاسف».

1.. بمعنى: حديث الوقائع المستقبليّة.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15508
صفحه از 485
پرینت  ارسال به