123
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

المنقذ في الديانة البوذيّة

أُسّست الديانة البوذيّة استناداً إلى تعاليم الأمير شاكيا موني الذي لُقّب ببوذا بعد وصوله إلى مرحلة التنوير إثر عثوره على طريق للخلاص من المعاناة، ويعدّ أكبرمأزق تعرّضت له الفلسفة الهندوسيّة في زمنه هو ارتهان المخلوقات في حركة الوجود (سامسارا). وبعبارة أُخرى: التناسخ.

بوذا قدّم الجواب في أربعة تقارير تشكّل النواة الأساسيّة لتعاليمه، واعتبر بلوغ مرحلة عرفانيّة عليا باسم «نيرفانا» نهاية لسامسارا وخلاصاً من دورة التناسخ، فالحياة بناء على رؤة بوذا ليست خالدة ولاجوهريّة، والألم يعدّ سمة للفراق الذي لا مخلص منه، ولا يمكن الخلاص إلاّ بالخروج من سامسارا، وعند الوصول إلى نهاية الدورة تتحقّق مرحلة نيرفانا.

نشأت بعد بوذا فرق أُخرى من مدرسته، إحداها «ماهايانا» التي تعدّ التنوّر في غاية الأهمّية؛ لأنّه نجاة من الظنون والأوهام، واستقصاء لبلوغ مرحلة بوذا، وهو لايختصّ بعدّة راهبين حكماء، بل يمكن لجميع المخلوقات، وهذا هو المبدأ الأساسيّ في الفكر البوذاسفي (المستنير) الذ ي استندت إليه شخصيّات مثل بوذا في الماهايانا، فهؤاء الأشخاص أعرضوا تماماً عن الذهاب نحو نيرفانا حبّاً بالإنسان، ويسعون بخفاء لإرشاد المستغيثين بهم. وموعود هذه الفرقة بوذاسف سوف يأتي في يوم إلى العالم ويحيي الديانة البوذيّة المتّجهة نحو الاضمحلال.

وفي حين أنّ الماهايانا تنطوي على الالآف من البوذاسف ويكون ميتريا (البوذيّ الموعود) واحداً منهم، تعتقد فرقة هينايانا (من الأقلّيات البوذية) بوجود بوذاسف واحد وهو ميتريا.۱

1.. راجع : راه بودا بالفارسيّة: ص ۱۷۳.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
122

تقول فقرة من أكني بورانا (من نصوص بورانا): «يؤّس قانوناً أخلاقياً بنحو مناسب في ورنات رباعية»، فالقوانين «ورن» أو الطبقات الاجتماعيّة من خصائص الديانة الهندوسيّة، ومن يخرج عن هذه الطبقات يعتبرونه «مَلِجه»؛ أي ليس بـ «آريّ» وشريف، بل ويعدّونه نجساً «جنداله».

وربّما يمكن القول بأنّ عقيدة الموعود في الديانة الهندوسيّة تضارع الديانة نفسها: قوميّة تتمركز حول محور الآريّة، ومنقذها الموعود يتّبع القيم الطبقيّة الهندوسيّة وإن سعى لخلاص العالم، إلاّ إذا حاولنا تأويل مفاهيم من قبيل الهندوسيّة والآريّة.

ويعتقد بعضهم أن ليس لكلكي أيّ هدف سوى إحياء «دارما» وإعادة العصر الذهبي «كرتا يوغا»، وبناء عليه يعدّ كلكي من الموعودين الناظرين إلى الماضي. ولكن يمكن القول من جهة أُخرى بأنّ هدف الموعود الهندوسيّ ناظر إلى الماضي والمستقبل؛ لأنّ التاريخ والزمان وحركة العالم دائريّة في العقيدة الهندوسيّة، وهذه الدوائر تتّحد ماهيّةً مع إمكانيّة اختلاف أسمائها، فيفقد الماضي والمستقبل مفهومه المطلق وفقاً لهذه الرؤية، ولا يكون لهما معنى إلاّ إذا قسناهما بالنسبة إلى نقطة مفترضة، فيمكن القول بأنّ نظرة الموعود الهندوسيّ ليست إلى الماضي ولا إلى الحاضر.

ومن هنا نصل إلى نتيجة؛ هي أنّ للموعود الهندوسيّ نوعاً من الوظائف العالميّة، وهدفه ـ وهو الإقامة الكاملة لدارما ـ لايتحقّق إلاّ بانتهاء دورة تاريخيّة (مها يوغا) والعودة إلى الدورة الأُولى من الأدوار الرباعيّة التاريخيّة (كرته يوغا)، ولا تتوفّر تلك الأوضاع المنشودة ـ التي يمكن أن نطلق عليها بقليل من التسامح اسم الجنّة الأرضيّة ـ إلاّ بعودة التاريخ وبسلسلة من التغيّرات الكونيّة، وعليه فتصحب قيامَ الموعود الهندوسيّ تغيّرات خطيرة في كلّ العالم، وهذا يكفي لدرجه ضمن الموعودين الكونيّين، وكذلك في الموعودين النهائيّين بنحوٍ ما.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15568
صفحه از 485
پرینت  ارسال به