121
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

سيُقتل أيّ شخص أينما كان بيد كلكي، أُولئك هم الملحدون والجشعون والمراؤن والزنادقة والظالمون. سيأتي حوله مئات وآلاف البرهمانيّين المسلّحين، وسيعقبه جيش كامل من راكبي الفيلة والعربات.۱

كما جاء في المهابهارات أيضاً:

هو سيكون ملكاً ويدير الدفّة، مستظهر بالقانون، ويقود العالم المشحون بالاضطراب نحو الطمأنينة. وحينما يجتمع حوله البراهمانيّون، سيجتثّ ذلك البراهمان جميع ذرّية الأجانب الرذلين أينما كانوا.۲

الموعود الهندوسي من حيثيّة ماهويّة هو موعود خاصّ ومتعيّن أيضاً؛ لأنّه إنسان له اسم ونسب وأُسرة ومسقط رأس معلوم وقد سُجّلت صفاته في النصوص قبل قرون من ظهوره، وبالرغم من أنّه يطأ هذا العالم بهيبة إنسانيّة؛ إلاّ أنّ له سمة إلهيّة، فهو هبوط الإله، بل الإله ذاته وفقاً لعقيدة الهندوسيّين، وواجبه الأساسيّ في النصوص الهندوسيّة تأسيس وتعزيز «دَرما»۳، وعند استقرارها بنحو تامّ يقترب العالم نحو الكمال بدرجة أكبر معنويّا واجتماعيّا.

إذن يمكن اعتبار أنّ للمنقذ الهندوسيّ وظيفتين: اجتماعيّة ومعنويّة في آن واحد، ولكن أكثر الأخبار الواردة في نشاطات كلكي ـ كما رأينا ـ هي من سنخ الأُمور الاجتماعيّة؛ مثل اجتثاث جذور الظلم والفساد، وإبادة المجرمين، وإقامة العدل ونشر الأمان. وبناءً على ذلك يبدو أنّ دور كلكي الأساسي ـ على الأقلّ في بيان النصوص الهندوسيّة ـ ذو سمة اجتماعيّة.

أمّا نطاق رسالة ذلك المنقذ فلا يمكن التعليق عليها بسهولة، فبعض النصوص تخبر عن عالميّة رسالته، ويبدو من بعضها الآخر أنّها تشمل شعباً وأُمّة أو أتباع دين خاصّ، فمثلاً

1.۱ . Ancient Indian Tradition and Mythology;[Puranas in Translation], Shastri, vol. ۳۷, p۴۱۱.

2.۲ . The Mahabharata, vol.۲, p.۵۹۷.

3.. درما: المعيار الأخلاقي أو العدالة العامّة التي يجب على كلّ شخص مراعاتها راجع: آيين هندو «بالفارسيّة»: ص ۳۱.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
120

الهندوسيّة، لكنّها تعدّ من العقائد الأساسيّة لعبدة فيشنو المؤنين بأنّه كلّما تعرّض الدين إلى خطر، غادر الإله مكانه في السماء ونزل إلى الأرض بشكل أهلها وصفاتهم؛ ليزيل ذلك الخطر ويقيم النظام ثانية، فنزل عشر مرّات، آخرها تسمّى «كلْكي» أو «كلْكين»؛ جاء في النصوص الفشنويّة المقدّسة:

حيثما يُستهجَن البرّ ويتسامى الإجرام، أتجسّم بصورة بشريّة، أو آتي بين شعبي لأحرس جذور الخير، وأُدمّر أُسس الشرّ، وسأظهر في كلّ فترة لأُقيم شريعة الحقّ.۱

يبدأ بحث المنقذ الموعود في الهندوسيّة ـ كأيّ دين آخر ـ من دراسة أصداء هذه العقيدة في النصوص المقدّسة الأساسيّة.۲

تقسّم النصوصُ الهندوسيّة عهودَ العالم إلى أربعة، تُسمّي الأخير منها بـ «كلي يوغا»، وتُحدّد مّدته بـ ۴۳۲ ألف عام، وتعدّ أردأ العهود، فتشدّ فيه الفضيلة رحالها، ويبحث الناس في تلك الأوضاع عن طريق مناسب للخلاص، فينتظرون المنقذ الذي ينجيهم من هذه المهلكة. وهنا تمتزج عقيدة الخلاص أو المنقذ الموعود بعقيدة اُوتاره، وتمنح الإنسان أمل إصلاح العالم وتحسين أوضاعه.

ويُعدّ «كلْكي» آخر هبوط للإله في كلي يوغا (العهد الأخير) الذي ينعدم فيه الصدق واستقامة الأخلاق، ولم يُطبَّق من الدين إلاّ رُبعه فقط، وبناءً عليه تُعدّ إحدى واجبات كلكي محاربة الانحراف والباطل؛ فقد ورد في بوراناها:

1.. كي تا بهكودكي تا سرود خدايان (بالفارسيّة): الفصل الرابع.

2.. يمكن القول أنّ التنوّع في نصوص أيّ دين وشريعة، لا يضاهي ما في النصوص الهنديّة، فهو يلفت الأنظار من خلال حجم النصوص وعددها ولغتها وموضوعها، وحتّى في حجّيتها والقبول بها. وتُقسّم النصوص الهندوسيّة تقليديّاً إلى قسمين: شْروتي المسموعة وسْمرتي (المحفوظة)، والثاني شرح للأوّل. تشتمل نصوص شروتي على: ريجفدا، وياجورودا، وسامهودا، واتهروه ودا، وبراهمانا، وآرنياكا، واوبانيشيدا. وتضمّ نصوص سمرتي: شاستراها (أو لوائح القوانين) مثل: مَنوسْمِرتي، والملاحم مثل: مهابهارات، وراميانا، وبوراناها. والأخيرة لها الدور الأكبر في تكوين عقيدة المنقذ الموعود.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15779
صفحه از 485
پرینت  ارسال به