للدين المذكور إلى ما قبل القرن السادس قبل الميلاد، ولكنّنا نعلم أنّه منذ ذلك الحين غدا دين زرادشت ديناً رسميّاً لثلاث إمبراطوريّات إيرانيّة متتالية، هي: الأخمينيّة والأشكانيّة والساسانيّة۱، وأنّ التعاليم الزرادشتيّة القديمة ضمّها كتاب الأفستا المقدّس باللغة البهلويّة.
وإحدى خصائص أيّ نوع من الدعاء (يسنا) الذي يدور حول محور النار، هي الطهارة الجسديّة والأخلاقيّة. كما وصفوا الديانة الزرادشتيّة بأنّها مبتنية على أساس اعتقاد ثنائي؛ لأنّ أساس تعاليمه مؤّسة على مفهوم إله الخير المطلق «أهورا مزدا» الذي يخالفه «انكره مينوي» الشرّير، ولكن في النهاية ينتصر الخير على الشرّ.
ولا تُلاحظ في هذه الديانة أيّ تعاليم قائمة على ثنائيّة الروح والجسد؛ لأنّ عالم مينوي والعالم المادّي كليهما من مخلوقات الإله، ومن هنا ينبغي علىّ كل زرادشتيّ مؤن أن يراقب الجوانب الماديّة والمعنويّة في ذاته، ففي هذا الدين تُلقى على الذهن أعلى القيم الأخلاقيّة، وبمجرّد اعتناق الشخص لهذه الشريعة يتوجّب عليه محاربة «أهريمن» في جميع أشكاله.۲
وبنحو إجماليّ يمكن تقسيم نصوص الأفستا إلى قسمين:
۱ ـ الأفستا القديمة؛ وتشتمل على الغاتات، ويسنا ذي سبعة فصول، ودعاءين معروفين: يسنا ۲۷.
۲ ـ الأفستا الجديدة؛ وتشتمل على نصوص من قبيل: فنديداد، وفيسبرد، ويشتات، ومجموعة من اليسنا (التي تشمل الغاتات وغيرها) والأفستا الصغيرة.
والنصوص البهلويّة متأخّرة عن الأفستا من حيث اللغة، ولكنّها تفصح في محتواها عن السنّة الشفهيّة الزرادشتيّة التي تناقلتها الصدور.