115
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

استخدمت الغاتات مفردة «سَوشِيَنْت» للإشارة إلى المنقذ الموعود، وتعدّ من أهمّ المصطلحات الدينيّة الزرادشتيّة، وعلى الرغم من عدم اتّفاق آراء الخبراء بالأفستا على معنىً واحد لهذا المصطلح، ولكن من الواضح أنّ من يُطلق عليهم «سَوشِيَنْت» قد يكونوا أرباب أُسرة أو رؤاء بلدان أو تجمّعات سكّانية، وهم من ألدّ أعداء الغضب، ويعزّزون علاقاتهم الاجتماعيّة بمؤزرة الإخوة والآباء، وينهجون في مسيرتهم خطى الفكر الخيّر؛ لاعتمادهم الكبير على دئنا۱ سپنته ۲، وقوّة العقل والتفكير۳، ويسيرون على طريق العقل بخطى خيّرة، ويتّبعون الممارسات المرضيّة لأهورامزدا۴ بسخائهم۵ وعبادتهم له۶، وفي الختام يحظون بما يستحقّونه من الثواب.

وتأسيساً على ذلك يجب القول: إنّ الفقرات المذكورة ترصد صفات المنقذين القادمين برسالة معيّنة، فهم يتّبعون زرادشت ويطيعون تعاليم أهورامزدا، ويسلكون بالناس طريق الحقّ، ويحاربون أتباع الشرّ والوحوش، ويهدون النجاة إلى الكون كلّه، فيسود الصلح والسلام في المجتمع، وينالون ثواب أعمالهم في نهاية المطاف.

أمّا في الأفستا المتأخّرة، فأينما استخدمت كلمة «سَوشِيَنْت» منفردة، فتقصد منقذاً معيّناً هو من سيهبط في آخر الزمان، فنجد فيها مثلاً:

نحمد جميع المبيعات الخيّرة لشونان القدير من كيومرث إلى سَوشينت المظفّر.۷

ومن خصائصه: أنّ له «فرّ»۸ نوراً كونيّاً خلقه مزدا، وهو كائن ورع وحكيم وبارع، يهبه

1.. وجدنا في الديانة المزدائية ظاهرة تتجلّى بعد الموت بشكل إنسان جميل يخرج ويقول: أنا فطرتك الخيرة وأقوالك وأفعالك الحميدة راجع: سهروردي داناي حكمت باستان (بالفارسيّة: ص ۲۹۸).

2.. يسنا ۴۵ الفقرة ۱۱.

3.. يسنا ۲۶ الفقرة ۲.

4.. يسنا ۴۸ الفقرة ۱۲.

5.. يسنا ۳۴ الفقرة ۱۳.

6.. يسنا ۵۳ الفقرة ۲.

7.. يسنا ۲۶ الفقرة ۱۰، ويسنا ۵۹ الفقرة ۲۷، ويشت ۱۳ الفقرة ۱۴۵.

8.. فرّ: نور يفيضه اللّه‏ تعالى على خلقه، ويتمكّنون بواسطته من إدارة الحِرف والصناعات لغتنامه دهخدا «بالفارسيّة» .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
114

للدين المذكور إلى ما قبل القرن السادس قبل الميلاد، ولكنّنا نعلم أنّه منذ ذلك الحين غدا دين زرادشت ديناً رسميّاً لثلاث إمبراطوريّات إيرانيّة متتالية، هي: الأخمينيّة والأشكانيّة والساسانيّة۱، وأنّ التعاليم الزرادشتيّة القديمة ضمّها كتاب الأفستا المقدّس باللغة البهلويّة.

وإحدى خصائص أيّ نوع من الدعاء (يسنا) الذي يدور حول محور النار، هي الطهارة الجسديّة والأخلاقيّة. كما وصفوا الديانة الزرادشتيّة بأنّها مبتنية على أساس اعتقاد ثنائي؛ لأنّ أساس تعاليمه مؤّسة على مفهوم إله الخير المطلق «أهورا مزدا» الذي يخالفه «انكره مينوي» الشرّير، ولكن في النهاية ينتصر الخير على الشرّ.

ولا تُلاحظ في هذه الديانة أيّ تعاليم قائمة على ثنائيّة الروح والجسد؛ لأنّ عالم مينوي والعالم المادّي كليهما من مخلوقات الإله، ومن هنا ينبغي علىّ كل زرادشتيّ مؤن أن يراقب الجوانب الماديّة والمعنويّة في ذاته، ففي هذا الدين تُلقى على الذهن أعلى القيم الأخلاقيّة، وبمجرّد اعتناق الشخص لهذه الشريعة يتوجّب عليه محاربة «أهريمن» في جميع أشكاله.۲

وبنحو إجماليّ يمكن تقسيم نصوص الأفستا إلى قسمين:

۱ ـ الأفستا القديمة؛ وتشتمل على الغاتات، ويسنا ذي سبعة فصول، ودعاءين معروفين: يسنا ۲۷.

۲ ـ الأفستا الجديدة؛ وتشتمل على نصوص من قبيل: فنديداد، وفيسبرد، ويشتات، ومجموعة من اليسنا (التي تشمل الغاتات وغيرها) والأفستا الصغيرة.

والنصوص البهلويّة متأخّرة عن الأفستا من حيث اللغة، ولكنّها تفصح في محتواها عن السنّة الشفهيّة الزرادشتيّة التي تناقلتها الصدور.

1.. فرهنگ أديان جهان بالفارسيّة : ص ۳۶۱.

2.. المصدر السابق، ص ۳۶۱ ـ ۳۶۲.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 20299
صفحه از 485
پرینت  ارسال به