93
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس

فَأَزعَجَهُ أشَدَّ إزعاجٍ وأعنَفَهُ حَتّى يولَدَ ، وإذا وُلِدَ صُرِفَ ذلِكَ الدَّمُ الَّذي كانَ يَغذوهُ مِن دَمِ اُمِّهِ إلى ثَديَيها ، فَانقَلَبَ الطَّعمُ وَاللَّونُ إلى ضَربٍ آخَرَ مِنَ الغِذاءِ ، وهُوَ أشَدُّ مُوافَقَةً لِلمَولودِ مِنَ الدَّمِ ، فَيُوافيهِ في وَقتِ حاجَتِهِ إلَيهِ ، فَحينَ يولَدُ قَد تَلَمَّظَ وحَرَّكَ شَفَتَيهِ طَلَبا لِلرَّضاعِ ، فَهُوَ يَجِدُ ثَديَي اُمِّهِ كَالإِداوَتَينِ ۱ المُعَلَّقَتَينِ لِحاجَتِهِ إلَيهِ ، فَلا يَزالُ يَغتَذي بِاللَّبَنِ مادامَ رَطبَ البَدَنِ ، رَقيقَ الأَمعاءِ ، لَيِّنَ الأَعضاءِ . ۲

۵۳۰۹.بحارالأنوار عن المفضّل بن عمر :فَقُلتُ [أي لِلإِمامِ الصّادِقِ عليه السلام ] : صِف نُشوءَ الأَبدانِ ونُمُوَّها حالاً بَعدَ حالٍ حَتّى تَبلُغَ التَّمامَ وَالكَمالَ .
فَقالَ عليه السلام : أوَّلُ ذلِكَ تَصويرُ الجَنينِ فِي الرَّحِمِ حَيثُ لا تَراهُ عَينٌ ولا تَنالُهُ يَدٌ ، ويُدَبِّرُهُ حَتّى يَخرُجَ سَوِيّا مُستَوفِيا جَميعُ ما فيهِ قِوامُهُ وصَلاحُهُ مِنَ الأَحشاءِ وَالجَوارِحِ وَالعَوامِلِ إلى ما في تَركيبِ أعضائِهِ مِنَ العِظامِ وَاللَّحمِ وَالشَّحمِ وَالمُخِّ وَالعَصَبِ وَالعُروقِ وَالغَضاريفِ ، فَإِذا خَرَجَ إلَى العالَمِ تَراهُ كَيفَ يَنمي بِجَميعِ أعضائِهِ ، وهُوَ ثابِتٌ عَلى شِكلِهِ وهَيئتِهِ لا تَتَزايَدُ ولا تَنقُصُ ، إلى أن يَبلُغَ أشُدَّهُ إن مُدَّ في عُمُرِهِ أو يَستَوفِيَ عُمُرَهُ أو يَستَوفِيَ مُدَّتَهُ قَبلَ ذلِكَ ، هَل هذا إلّا مِن لَطيفِ التَّدبيرِ وَالحِكمَةِ ؟ ۳

1.الإداوَةُ : إناء صغير من جلد يتّخذ للماء (النهاية : ج ۱ ص ۳۳ «أدا») .

2.بحارالأنوار : ج ۶۰ ص ۳۷۷ ح ۹۸ نقلاً عن الخبر المشتهر بتوحيد المفضّل .

3.بحار الأنوار : ج ۶۱ ص ۳۲۱ ح ۳۰ نقلاً عن الخبر المشتهر بتوحيد المفضل .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس
92

لَحمٍ وجِلدٍ ودَمٍ ، لَم تُشَهِّرني بِخَلقي ۱ ، ولَم تَجعَل إلَيَّ شَيئا مِن أمري ، ثُمَّ أخرَجتَني إلَى الدُّنيا تامّا سَوِيّا . ۲

۵۳۰۷.الكافي عن محمّد بن إسماعيل أو غيره :قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام : جُعِلتُ فِداكَ ، الرَّجُلُ يَدعو لِلحُبلى أن يَجعَلَ ما في بَطنِها ذَكَرا سَوِيّا .
قالَ : يَدعو ما بَينَهُ وبَينَ أربَعَةِ أشهُرٍ ، فَإِنَّهُ أربَعينَ لَيلَةً نُطفَةٌ ، وأربَعينَ لَيلَةً عَلَقَةٌ ، وأربَعينَ لَيلَةً مُضغَةٌ ، فَذلِكَ تَمامُ أربَعَةِ أشهُرٍ ، ثُمَّ يَبعَثُ اللّهُ مَلَكَينِ خَلّاقَينِ فَيَقولانِ : يا رَبِّ ما نَخلُقُ ؟ ذَكَرا أم اُنثى ؟ شَقِيّا أو سَعيدا ؟ فَيُقالُ ذلِكَ ، فَيَقولانِ : يا رَبِّ ما رِزقُهُ ؟ وما أجَلُهُ ؟ وما مُدَّتُهُ ؟ فَيُقالُ ذلِكَ ، وميثاقُهُ بَينَ عَينَيهِ يَنظُرُ إلَيهِ ، ولا يَزالُ مُنتَصِبا في بَطنِ اُمِّهِ ، حَتّى إذا دَنا خُروجُهُ بَعَثَ اللّهُ عز و جل إلَيهِ مَلَكا فَزَجَرَهُ زَجرَةً ، فَيَخرُجُ ويَنسَى الميثاقَ . ۳

۵۳۰۸.الإمام الصادق عليه السلامـ فيما بَيَّنَهُ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ ـ: نَبتَدِئُ يا مُفَضَّلُ بِذِكرِ خَلقِ الإِنسانِ فَاعتَبِر بِهِ ، فَأَوَّلُ ذلِكَ ما يُدَبَّرُ بِهِ الجَنينُ فِي الرَّحِمِ ، هُوَ مَحجوبٌ في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ : ظُلمَةِ البَطنِ ، وظُلمَةِ الرَّحِمِ ، وظُلمَةِ المَشيمَةِ ، حَيثُ لا حيلَةَ عِندَهُ في طَلَبِ غِذاءٍ ولا دَفعِ أذىً ، ولَا استِجلابِ مَنفَعَةٍ ولا دَفعِ مَضَرَّةٍ ، فَإِنَّهُ يَجري إلَيهِ مِن دَمِ الحَيضِ ما يَغذوهُ كَما يَغذُو الماءُ النّباتَ ، فَلا يَزالُ ذلِكَ غِذاءَهُ حَتّى إذا كَمَلَ خَلقُهُ وَاستَحكَمَ بَدَنُهُ ، وقَوِيَ أديمُهُ عَلى مُباشَرَةِ الهَواءِ ، وبَصَرُهُ عَلى مُلاقاةِ الضِّياءِ ، هاجَ الطَّلقُ بِاُمِّهِ

1.قال العلامة المجلسي : لم تشهّرني بخلقي ؛ أي لم تجعل تلك الحالات الخسيسة ظاهرة للخلق في ابتداء خلقي لأصير محقّرا مهينا عندهم ، بل سترت تلك الأحوال عنهم ، وأخرجتني بعد اعتدال صورتي وخروجي عن تلك الأصول الدّنية (بحار الأنوار : ج ۶۰ ص ۳۷۳) . هذا وفي البلد الأمين : «لَم تُشهِدني خلقي» .

2.الإقبال : ج ۲ ص ۷۴ ، بحارالأنوار : ج ۶۰ ص ۳۷۲ ح ۸۱ .

3.الكافي : ج ۶ ص ۱۶ ح ۶ ، بحارالأنوار : ج ۶۰ ص ۳۴۵ ح ۳۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    عبدالهادي مسعودي، رسول افقي، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5330
صفحه از 544
پرینت  ارسال به