53
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس

فإذا ما اعتبرنا كلمة الإنسان مشتقة من « أنس » فإن سبب تسميته بهذا الاسم هو أن الأزدهار والجمال والألفة في الأرض لا يحصل إلّا بوجوده ، ۱ أو أن حياة الإنسان لا تؤمن دون الأنس بالآخرين ولذلك يقال : إن الإنسان « مدني بالطبع » . ۲ أو سمي بالإنسان لأنه يأنس ويألف إلى كل ما يرتبط به، ۳ أو لأنه يأنس دوما بأمرين : الأنس الروحي بالحق والأنس الجسمي بالخلق ۴ أو لأن هناك علاقتين أودعتا في كيانه : إحدهما مع الدنيا والاُخرى مع الآخرة . ۵
وأما إذا اعتبرنا الإنسان مشتقا من « النسيان » ، فإن وجه تسميته نسيانه وهذا المعنى مرتبط كما أشرنا مع أبي البشر آدم الذي نسي عهد اللّه ـ تعالى ـ فيما يتعلق بعدم الاقتراب من الشجرة المنهي عنها .
وقيل : إذا كانت كلمة الإنسان مشتقة من « الإيناس » فإنه وجه تسميته هو قدرته على الوصول إلى الأشياء المختلفة عن طريق العلم والإحساس والإبصار، ۶ وإذا ما كانت مشتقة من « النوس » فإن سبب التسمية هو تحركه الدؤوب وفاعليته الكبيرة في الأعمال العظيمة . ۷
ومن خلال التأمل في الوجوه والتفسيرات التي ذكرت بشأن مادة اشتقاق « الإنسان » أو سبب تسميته بهذا الاسم يتّضح أنه لا يوجد دليل قاطع لإثبات أحد الوجوه المذكورة ، خاصة وإن ما جاء حول سبب التسمية يستند في الغالب ، أو بشكل عام إلى الذوق ، ولكن الملاحظة التي تستحق الاهتمام أن مادة اشتقاق كلمة

1.نفس المصدر نقلاً عن المخصص : ص ۱۶ .

2.نفس المصدر نقلاً عن المفردات : ص ۹۴ .

3.نفس المصدر نقلاً عن بصائر ذوي التمييز : ج ۲ ص ۳۱ .

4.نفس المصدر : ص ۳۱ .

5.نفس المصدر نقلاً عن بصائر ذوي التمييز : ج ۲ ص ۳۲ .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس
52

يَقومَ بِجَميعِ أسبابِهِ ، وقيلَ : سُمِّيَ بِذلِكَ لِأَنَّهُ يَأنَسُ بِكُلِّ ما يَألَفُهُ. ۱
ويرى الأزهري وابن منظور وبعض آخر من علماء اللغة ، أن كلمة « الإنسان » كانت في الأصل « إنسيان » وأنها أخذت من « النسيان » ، وهذا نص ما ذكره ابن منظور :
الإِنسانُ ، أصلُهُ إنْسِيانٌ لِأَ نَّ العَرَبَ قاطِبَةً قالوا في تَصغيرِهِ : أُنَيْسِيانٌ فَدَلَّتِ الياءُ الأَخيرَةُ عَلَى الياءِ في تَكبيرِهِ ، إلّا أنـَّهُم حَذَفوها لِما كَثَّرَ النّاسُ في كَلامِهِم . ۲
ويستند ابن منظور إلى كلام لابن عباس بهدف دعم هذا الرأي في بيان مادة كلمة الإنسان ، فيقول :
ورُوِيَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أ نَّهُ قالَ : إنِّما سُمِّيَ الإِنسانُ إنسانا لِأَنـَّهُ عَهِدَ إلَيهِ فَنَسِيَ ، قالَ أبو مَنصورٍ : إذا كانَ الإِنسانُ فِي الأَصلِ إنْسِيانٌ ، فَهُوَ اِفعِلانٌ مِنَ النِّسيانِ ، وقَولُ ابنِ عَبّاسٍ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لَهُ. ۳
وممّا يجدر ذكره أن الإمام الصادق عليه السلام قال فيما روي عنه :
سُمِّيَ الإِنسانُ إنسانا لِأَنـَّهُ يَنسى ، وقالَ اللّهُ عز و جل : « وَ لَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ » ۴ . ۵
واعتبر البعض كلمتي « إيناس » و « نَوْس » مادة اشتقاق كلمة الإنسان وتعني الكلمة الاُولى الإدراك والعلم والإحساس والثانية التحرك . ۶

1.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۹۴ .

2.لسان العرب : ج ۶ ص ۱۰ .

3.لسان العرب : ج ۶ ص ۱۱ .

4.طه : ۱۱۵ .

5.. راجع : ص ۱۴۲ ح ۵۳۹۴ .

6.دائرة معارف القرآن الكريم (بالفارسيّة) : ج ۴ ص ۴۸۱ نقلاً عن بصائر ذوي التميز : ج ۲ ص ۳۲ وتفسير سورة والعصر : ج ۲ ص ۱۰ . جدير بالذكر أن أيّا من المصادر المعتبرة في اللغة لم يؤيد هذه النظرية .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    عبدالهادي مسعودي، رسول افقي، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5346
صفحه از 544
پرینت  ارسال به