13
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس

كان الأُنس أشدّ ، فإنّ الانفصال سيكون أكثر وحشة أيضا ، كما نقل عن النبي سليمان عليه السلام :
آنَسُ شَيءٍ الرّوحُ تَكونُ فِي الجَسَدِ وأوحَشُ شَيءٍ الجَسَدُ تُنزَعُ مِنهُ الرّوحُ. ۱
على هذا الأساس ، فإنّ الأحاديث الإسلامية تصبّ تسوق تعلّق الإنسان بالاُمور الزائلة بشكل بحيث لا يكون الانفصال عنها خطيرا ، في نفس الوقت الذي تؤمّن فيه الحاجات المادّية والمؤقتة.

۳ . أكثر أنواع « الاُنس » قيمة

إنّ أفضل صديق يمكن للإنسان أن يأنس به ويدوم أُنسه به هو اللّه سبحانه وتعالى ، فقد روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال :
لا يَستَوحِشُ مَن كانَ اللّهُ أنيسَهُ . ۲
وهذا الحديث يعني أنّ الأُنس الحقيقي باللّه ـ تعالى ـ يستلزم الاطمئنان المطلق ، الذي يأنس باللّه حقيقة سوف لا يُبتلى في حياته بالخوف والقلق أبدا .

۴ . إرشادات أهل البيت عليهم السلام لتحقيق الأُنس باللّه

إذا أخذنا بنظر الاعتبار أهمّية الأُنس باللّه والدور الذي يؤدّيه في بناء الإنسان وتأمين راحته ، فقد قدّمت أحاديث أهل البيت عليهم السلام ثلاثة إرشادات مهمّة للأُنس باللّه والتعلّق به :
الإرشاد الأوّل ، هو ذكر اللّه ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :

1.الزهد لابن حنبل : ص ۵۲ ، الدرّ المنثور : ج ۵ ص ۶۴۹ .

2.راجع : ص ۱۷ ح ۵۱۲۵ .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس
12

أَمْوَ لَهُمْ» ، بمعنى أن يكون الشيء محسوسا ومعلوما ، والمراد أنّ آثار البلوغ الفكري عندما تصبح محسوسة وظاهرة لكم ، فإنّ عليكم أن تضعوا أموالهم تحت تصرفهم ، وكذلك «تَسْتَأْنِسُواْ» في الآية ۲۷ من سورة النور : «لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ» ، بمعنى القيام بالعمل الذي يؤدّي إلى الأنس والتعارف ، والمراد بها عدم دخول بيوت الآخرين فجأة .
وأمّا في الأحاديث الإسلامية فقد استخدمت كلمة « الأنس » ومشتقّاتها على نطاق واسع ، وقدّمت فيها إرشادات قيّمة للغاية حول ما يستحقّ الأنس والتعلّق به ، وما لا يستحقّ التعلّق به ، ولكن من المستحسن الالتفات إلى الملاحظات التالية قبل ملاحظة نصوص الأحاديث المذكورة :

۱ . حاجة الإنسان إلى « الأنس »

الملاحظة الاُولى التي تستحقّ التأمّل أنّ عدم الحاجة إلى الأنس والأنيس خاصّ باللّه ـ تعالى ـ ، كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام .
سُبحانَ مَن لا يَستَأنِسُ بِشَيءٍ أبقاهُ ، ولا يَستَوحِشُ مِن شَيءٍ أفناهُ. ۱
وكلمة الإنسان مشتقّة من مادّة « أُنس » ، فهو بحاجة إلى الاُنس بالآخرين في حياته ، ولذلك عُدّ « الأُنس » ـ كالاُلفة ۲ ـ من جنود العقل ، ويجب على الإنسان من أجل تحقيق الحياة المطلوبة ، أن يوظّف هذه الخصوصية الفطرية .

۲ . سَوقُ الاستئناس نحو ماله ثبات

لا شكّ في أنّ عاقبة الأُنس والتعلّق بالاُمور الزائلة ، هي الانفصال والوحشة ، وكلّما

1.الدعوات : ص ۲۴۰ ح ۶۷۲ ، بحار الأنوار : ج ۸۲ ص ۱۷۲ ح ۶ .

2.روي عن الإمام الصادق عليه السلام في بيان جنود العقل والجهل : « والاُلفة وضدّها الفرقة » ( موسوعة العقائد الإسلامية : ج ۱ ص ۳۴۰ ) .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    عبدالهادي مسعودي، رسول افقي، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4826
صفحه از 544
پرینت  ارسال به