وفي ضوء ما ذكره اللغويّون في تحديد الأصل في لفظ «الإمام» و«الإمامة» ، فإنّه يمكن استنتاج ما يلي :
أوّلاً : تقارب هذه الاُصول من حيث المعنى ، فهي تشير إلى حقيقة واحدة وهي أنّ إمامة الاُمّة تمثّل في حقيقتها الأصل والأساس للاُمّة ، حيث يتّبع الناس الإمام ويرجعون إليه في اُمورهم .
ثانيا : عدم اختصاص مصطلح «الإمام» و«الإمامة» بالإنسان فقط ، بل كلّ ما هو مبدأ لحركة شيء آخر ، سواء كان إنسانا أو غير إنسان ، حقّا كان أو باطلاً ، فهو إمام .
الإِمامَةُ فِي القُرآنِ وَالحَديثِ
لقد استُعملت كلمة «الإمام» في القرآن والحديث بشكل عامّ في معناها اللغوي ، وهو كلّ متبوعٍ ؛ سواء كان إنسانا أو غيره ۱ ، حقّا ۲ أو باطلاً ۳ ، إلّا أنّ الغالب مع ذلك هو استعمالها في أئمّة الدين ، الذين ارتقوا إلى ذُرى الإنسانيّة الرفيعة .
وأمّا استعمالها في معناها اللغوي فقليل ، كما أنّ ورودها في «أئمّة النار» ليس إلّا لإظهار غاية ما يمكن أن يسفّ إليه الإنسان من حضيض التسافل والانحطاط ، في قبال ما يمكن أن يرقى إليه من كمال ورفعة .
وعلى كلّ حال ، فإنّ لفظ «الإمامة» الوارد في الآيات والأحاديث الواردة تحت عنوان «الإمامة» إنّما يراد به خصوص إمامة أئمّة الحقّ ۴ ، ولكن نشير قبل البحث
1.كقوله تعالى : «وَ مِن قَبْلِهِ كِتَـبُ مُوسَى إِمَامًا وَ رَحْمَةً» هود : ۱۷ ، الأحقاف : ۱۲ .
2.كقوله تعالى : «وَ جَعَلْنَـهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا» الأنبياء : ۷۳ .
3.كقوله تعالى : «وَ جَعَلْنَـهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» القصص : ۴۱ .
4.وستأتي الإشارة إلى الآيات والروايات المتعلّقة بأئمّة الباطل تحت عنوان «الولاية» إن شاء اللّه تعالى .