365
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

أجل ، إنّ الأحاديث والنصوص أشارت إلى عوامل بقاء الإسلام وانتشاره ، ونموّ رقعة المجتمع الإسلاميّ واتّساعه ، وهي عبارة عن : القيادة الصالحة ، وتلاحم الاُمّة ووحدة صفّها ، ووجود النخبة الصالحة ، وتطبيق القيم الخُلقيّة والعمليّة .
وأمّا عوامل تأخّر الاُمّة الإسلاميّة ، بل وحتّى سقوطها ، فهي عبارة عن : تصدّي القيادة المنحرفة لزعامة الاُمّة ، واختلاف كلمة الاُمّة ، وفساد النخبة ، وسوء الإدارة ، وغلبة المطامع المادّية ، وسحق حقوق المحرومين ، والفساد الثقافيّ والاقتصاديّ ، وعدم محاربة الفساد .
كما تجدر الإشارة إلى أنّ عوامل الازدهار والانحطاط هذه ليست حكرا على الاُمّة الإسلاميّة خاصّة ، بل هي قابلة للانطباق على جميع الاُمم والشعوب الاُخرى إذا توفّرت فيها هذه العوامل .

۶ . مؤشّرات الازدهار والانحطاط في الاُمّة

إنّ استقرار العدالة الاجتماعيّة ، والأخذ بالقيم الخُلقيّة والعمليّة في المجتمع ، ووجود التنمية العلميّة والثقافيّة والاقتصاديّة ، هي من أهمّ المؤشّرات في مقياس تقدّم الاُمم . كما أنّ تسلّط الظَّلَمَة على الاُمّة ، وتَفَشّي الانحراف الثقافيّ والأخلاقيّ والتردّي العلميّ والاقتصاديّ ، من أبرز مؤشّرات التخلّف لدى الاُمّة . وهذا ما تؤكّده الآيات والروايات في هذا المضمار .

۷ . مستقبل الاُمّة الإسلاميّة

لقد ازدهرت الحضارة الإسلاميّة في مطلع التأريخ الإسلاميّ وسادت لقرونٍ عديدة على العالم ، ثمّ بدأ العدّ التنازليّ لها ، كما تنبّأ بذلك كلّه كبار قادة المسلمين.


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
364

الإسلاميّة على أيّ مجتمع هو مقدار التزامه بالقيم والمبادئ الدينيّة ، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية . فكلّ اُمّة تتوفّر على هذه الخصائص تستحقّ جميع الفضائل الواردة في القرآن والسنّة بهذا الشأن .
أمّا المجتمعات المجرّدة عن مثل هذه الخصائص والتي لا حظّ لها من الإسلام سوى الاسم ، فهي فضلاً عن فقدها لمثل هذه الفضائل والخصائص فإنّها تنطبق عليها نبوءة النبيّ العظيمة حيث يقول :
سَيَأتي عَلى اُمَّتي زَمانٌ لا يبَقى مِنَ القُرآنِ إلّا رَسمُهُ ، ولا مِنَ الإِسلامِ إلَا اسمُهُ ، يُسَمَّونَ بِهِ وهُم أبعَدُ النّاسِ مِنهُ ، مَساجِدُهُم عامِرَةٌ وهِيَ خَرابٌ مِنَ الهُدى ، فُقَهاءُ ذلِكَ الزَّمانِ شَرُّ فُقَهاءَ تَحتَ ظِلِّ السَّماءِ ، مِنهُم خَرَجَتِ الفِتنَةُ وإليَهِم تَعودُ . ۱

۵ . سرّ تقدّم الاُمّة الإسلاميّة وانحطاطها

لقد استطاعت الاُمّة الإسلاميّة في القرون الاُولى أن تُنشئَ حضارة كبرى على الصعيد العالميّ ، بَيد أنّ بريق هذه الحضارة بدأ بالانحسار والاُفول بالتدريج ، إلى أن آل الأمر إلى ما هي عليه الآن ؛ حيث تعدّ الدول الإسلاميّة من أكثر دول العالم تأخّرا ، وهذا ما يقودنا للتساؤل عن سرّ ذلك التقدّم ، وسبب هذا الانحطاط؟
لقد قُدِّمت بشأن الجواب على هذا السؤال كتابات ومعالجات كثيرة ، ۲ ومن الملفت للنظر ، أنّ قادة الدين حدّدوا عوامل تقدّم الحضارة الإسلاميّة وانحطاطها ، وأشاروا إلى الحوادث المستقبليّة للعالم الإسلاميّ .

1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۵ ص ۶۰ ح ۳۹۸۶ .

2.راجع : قصّة الحضارة (تاريخ تمدّن) ، ويل دورانت : ج ۴ (عصر الإيمان ، لماذا تأخّر المسلمون ولماذا تقدّم غيرهم؟) ، أسباب تقدّم الإسلام وانحطاط المسلمين .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2335
صفحه از 481
پرینت  ارسال به