363
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

لقد صرّح القرآن الكريم في آيات عديدة بفضل الاُمّة الإسلاميّة ، قال تعالى : «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» ۱ ، وقال أيضا : «وَكَذَ لِكَ جَعَلْنَـكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ» . ۲ وعليه فإنّ الضعف المترائي في الروايات الواردة بشأن تفضيل الاُمّة الإسلاميّة غير مؤثّر في قبولها ما دامت متّفقة المضمون إجمالاً مع صريح القرآن الكريم .

ب ـ هل الفضل ثابت لمطلق الاُمّة ؟

السؤال الثاني عن إطلاق الفضل الوارد في الآيات والروايات بشأن الاُمّة ، هل هو لجميع أجيالها ومقاطعها على طول التأريخ ، أو اختصاصه بجيل أو مرحلة تأريخيّة معيّنة من تأريخ الإسلام ؟
إنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه الفضائل هي ثابتة للأوفياء للقيم الإسلاميّة ومُثُله ؛ لذا فإنّ القرآن الكريم بعد أن يُطري على الاُمّة الإسلاميّة وأنّها أفضل الاُمم ، يصفها مباشرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيقول : «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» . ۳
وتعتبر مسألة العدالة الاجتماعيّة ـ من وجهة نظر قرآنيّة ـ أوّل مطلب في فلسفة بعثة الأنبياء جميعا ، ۴ لذا فإنّها على رأس قائمة الصالحات التي أمر اللّه بها في هذه الآية : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْاءِحْسَـنِ وَ إِيتَاىءِ ذِى الْقُرْبَى وَ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَ الْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» ۵ . عليه ، فإنّ أوّل ما يشترط في انطباق وصف الاُمّة

1.آل عمران : ۱۱۰ .

2.البقرة : ۱۴۳ .

3.آل عمران : ۱۱۰ .

4.«لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَـتِ وَ أَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَـبَ وَ الْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ» الحديد : ۲۵ .

5.النحل : ۹۰ .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
362

الملاحظة التي تسترعي الاهتمام هي أنّ الأحاديث الشريفة تؤكّد بأنّ ما مرَّ بالاُمم السابقة ، سيمرّ بالاُمّة الإسلاميّة أيضاً :
كُلُّ ما كانَ فِي الاُمَمِ السّالِفَةِ فَإنَّهُ يَكونُ في هذِهِ الاُمَّةِ مِثلُهُ ؛ حَذوَ النَّعلِ بِالنَّعلِ وَالقُذَّةِ بِالقُذَّةِ. ۱
لكنّ تكرار حوادث الاُمم السابقة سيكون في التواريخ الوسطى للاُمّة الإسلاميّة ، وذلك لأنّ الاُمّة الإسلاميّة تتحلّى بفضائل وخصائص تُفضي في الختام إلى انتصار الحقّ على الباطل ، كما جاء في الحديث النبوي :
خَيرُ اُمَّتي أوَّلُها وآخِرُها ، وفي وَسَطِها الكَدَرُ . ۲

۴ . تقويم فضائل الاُمّة الإسلاميّة

لقد ورد في الفصل الأوّل فضائل عديدة بشأن الاُمّة الإسلاميّة ، من قبيل : أصل وجود الاُمّة الإسلاميّة على إثر دعاء إبراهيم عليه السلام واعتبارها أفضل الاُمم ، ونزول الرحمة الإلهيّة الخاصّة عليها واعتبارها اُمّة مباركة لسائر الاُمم والشعوب . وهذه الفضائل هي السبب وراء تفضيل الاُمّة الإسلاميّة على سائر الاُمم الاُخرى بالرغم من تأخّرها عنها من الناحية التأريخيّة ، ولذا ورد نعتها : «الآخِرونَ السّابِقونَ». ۳
ويمكن هنا الإشارة إلى سؤالين يُطرحان بشأن الفضائل المذكورة :

أ ـ اعتبار أحاديث فضائل الاُمّة

يدور السؤال الأوّل حول اعتبار سند روايات الفضائل ، أَهي صحيحة الإسناد أو لا ؟

1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۵ ص ۴۹ ح ۳۹۵۲ .

2.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۵ ص ۴۹ ح ۳۹۵۱ .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۵ ص ۱۲ (فضائل الامّة الاسلاميّة / الآخرون السابقون) .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2341
صفحه از 481
پرینت  ارسال به