359
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

اختلافات بينهم ، وإنّما كانت الحالة السائدة بينهم هي الوحدة .
كان تدنّي المستوى الفكريّ للناس البدائيّين يُفضي إلى عدم الانتفاع كما ينبغي من تعاليم الأنبياء وتوجيهات القادة الدينيّين ، وهذا ما جعلهم يستجيبون لجانب من وظائفهم الإنسانيّة في ضوء ما تمليه عليهم فطرتهم الإلهيّة . فلم يكونوا في ضلال ، ولكنّهم في الوقت نفسه ما كانوا يسيرون في اتّجاه الرقيّ والتكامل ، وحسب ما وصفتهم الرواية :
كانوا قَبلَ نوحٍ عليه السلام اُمَّةً واحِدَةً عَلى فِطرَةِ اللّهِ ؛ لا مُهتَدينَ ولا ضُلّالاً . ۱
كانت الفطرة الإلهيّة للناس وتعاليم الأنبياء وأئمّة الدين من جهة ، والنوازع الذاتيّة ۲ ووساوس شياطين الجنّ والإنس ۳ من جهة اُخرى ، قد مهّدت الأرضيّة أمام رقيّ المجتمع البشري وتكاملهِ ، وهكذا غدا النّاس في بلاء عظيم ، ووقع بينهم الاختلاف .
في تلك الحقبة من حياة بني الإنسان ، كان الأنبياء مكلّفون ـ كجزء من مهمّتهم النبويّة ـ أن يتكفّلوا بمهمّة البتّ في الاختلافات التي تقع بين الناس ، استناداً إلى ما لديهم من أحكام وقوانين دينيّة .
فاستجابت ثلّة منهم لدعوة الأنبياء فنالوا السعادة ، ولكنّ أكثر الاُمم خضعت لتأثيرات نوازعها الذاتيّة والإيحاءات الشيطانيّة ، وفشلوا في ما تعرّضوا له من ابتلاء إلهي ، وهلكوا .

1.. راجع : ص ۳۶۷ ح ۳۷۳۸ .

2.راجع : ص ۳۷۲ ح ۳۷۴۷ و ح ۳۷۴۹ .

3.راجع : الأنعام : ۱۲ .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
358

القامة ، والحين ، والقصد . ۱
وقال الراغب الإصفهانيّ :
والاُمّة : كلّ جماعة يجمعهم أمرٌ ما ؛ إمّا دين واحد ، أو زمان واحد ، أو مكان واحد ، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرا أو اختيارا ، وجمعها : اُمم. ۲

الاُمّة في الكتاب والسنّة

ورد لفظ الاُمّة في القرآن الكريم بمعنى الجماعة ۳ ، والإنسان الكامل الجامع للخير ۴ ، والدّين ۵ ، والزمان ۶ ، والطريقة القسريّة ۷ أو الاختياريّة ۸ في العيش ، إلّا أنّ الآيات والروايات الواردة في هذا القسم ـ كما سيأتي ـ مستعملةٌ في المعنى الأوّل والثاني ۹ . وقبل استعراض نصوص الآيات والروايات الواردة بخصوص الاُمّة أو الاُمّة الإسلاميّة ، نشير بإيجاز إلى تلخيصها وتقويمها :

۱ . نظرة عامّة إلى تاريخ الاُمم

كان المجتمع البشريّ في مطلع نشأته اُمّةً واحدةً ، ومفاد هذا الكلام هو أنّ الناس في المجتمعات البدائيّة كانوا يحملون توجّهاتٍ ذات نسق واحد ، ولم تكن ثمّة

1.معجم مقاييس اللغة : ج ۱ ص ۲۱ .

2.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۸۶ .

3.القصص : ۲۳ ، «وَ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ» .

4.النحل : ۱۲۰ ، «إِنَّ إِبْرَ هِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ» .

5.الزخرف : ۲۲ ، «إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ» .

6.يوسف : ۴۵ ، «وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ» .

7.الأنعام : ۳۸ ، «وَمَا مِن دَابَّةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا طَئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم» .

8.آل عمران : ۱۰۴ ، «وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ» .

9.تجدر الإشارة إلى أنّ الآيات والروايات الواردة في هذا القسم وإن كانت واردة في الاُمّة الإسلاميّة ، إلّا أنّ معاييرالتفاضل والتقدّم والانحطاط الواردة فيها قابلة للتعميم على سائر الاُمم .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2402
صفحه از 481
پرینت  ارسال به