353
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

غريب وقال :
هذا الحديث لخطبة النبيّ متّفق على إخراجه في الصحيح : «يا أيُّها النَّاسُ ، إنِّي قَد تَرَكتُ فيكُم ما لَن تَضِلُّوا بَعدَهُ إن اعتَصَمتُم بِهِ ؛ كِتابَ اللّهِ وأنتُم مَسؤولونَ عَنّي فما أنتُم قائلون» ، وذكر الاعتصام بالسنّة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليها . ۱
واستنادا إلى ذلك فإنّ الرواية المذكورة لحديث الثّقلين غير معتبرة ، ولا يمكن أن تحلّ محلّ الرواية المشهورة له والتي فيها «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» .
د ـ جاء في بعض أحاديث الشيعة تعبير «كِتابَ اللّهِ وسُنَّتي» بدلاً من «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» ؛ فقد نقل الشيخ الصدوق رحمه اللهفي كتاب كمال الدين ـ بعد نقل الرواية المشهورة لحديث الثّقلين ـ هذا النصّ عن أبي هريرة . ۲ ولكن سنده ضعيف ، ومن المحتمل أنّ الشيخ الصدوق رحمه الله ذكر هذه الرواية للإشارة إلى الاختلاف المذكور ؛ ذلك لأنّ نقله لهذه الرواية لا ينسجم مع هدفه من تأليف كتاب كمال الدين ، وكذلك لا ينسجم مع عنوان الباب وهو «اتّصال الوصية من لدن آدم عليه السلام » .
ومن المفيد أن نلفت الانتباه إلى بضع ملاحظات في ختام البحث :
أ ـ إنّ الكلام السابق لا يعني نفي حجّية سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله ؛ لأنّ الأدلّة القرآنيّة والروائيّة والعقليّة لحجّية سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله تبلغ من الإحكام والقوّة درجة تنفي احتمال اعتبارها وحجّيتها . بناء على ذلك فإنّ إنكار عدم صدور هذه الرواية لا يعني إنكار سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله .
ب ـ اقتران وجوب التمسّك بالعترة بحجيّة الكتاب والسنّة إنّما يدلّ على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يريد أن يبيّن أنّ هداية القرآن والسنّة تتيسّر من خلال التمسّك بالعترة .

1.المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۱۷۱ ح ۳۱۸ .

2.راجع : كمال الدين : ص ۲۳۵ ح ۴۷ .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
352

الثّقلين ، فإنّ من الضروري تقويم سنديهما .

تقويم سند الرواية

أ ـ يعتبر موطأ مالك أهم مصدر للنصّ «كِتابَ اللّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ» حيث نقل هذه الرواية بشكلٍ مرسل . ونظرا لعدم رواية أصحاب الصحاح الستّة لها من جانب، وروايتها عبارة «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» كما في صحيح مسلم وسنن الترمذي والنسائي والدارمي ومسند ابن حنبل من جانب آخر ، فإنّ ما جاء في الموطأ لا يتمتّع بالاعتبار اللّازم .
ب ـ نقل الحاكم النيسابوري الرواية المذكورة بطريقين ، كلاهما مشتمل على بعض الضعاف ، فإنّ صالح بن موسى الطلحي وإسماعيل بن أبي أويس من رواة هذا النصّ ، وقد نسب علماء رجال أهل السنّة الضعف إليهما ، وأنكروهما بشدّة . فوصفوا صالح بن موسى بأنّه «ضعيف الحديث جدّا» ، «متروك الحديث» ، «يروي المناكير» ، وما إلى ذلك . ۱
بالإضافة إلى ذلك فإنّه ليس من رجال البخاري ومسلم ، وقد جاء حديثه خطأً في كتاب المستدرك على الصحيحين . نعم إسماعيل بن أبي أويس من رجال مسلم ولكنّه ضعّف بشدة وبكثرة ، فقد قيل في حقّه : «مخلّط» ، «كذّاب» ، «ليس بشيء» ، «كان يضع الحديث» ، «يسرق الحديث» ، وغير ذلك ، وقد نُقل عنه قوله : «ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء بينهم» . ۲
وقد ورد هذان الرجلان في جميع أسانيد الرواية التي ورد فيها «كِتابَ اللّهِ وَسُنَّتي» وبذلك سلبا الاعتبار منها .
ج ـ اعتبر الحاكم النيسابوري هذه الرواية صحيحة ، ولكنّه ذكر أنّ لفظ «السنّة»

1.راجع : تهذيب التهذيب : ج ۳ ص ۵۳۵ .

2.تهذيب التهذيب : ج ۱ ص ۲۵۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2535
صفحه از 481
پرینت  ارسال به