303
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

قالَ : الَّذينَ يَأتونَ مِن بَعدي يَروونَ حَديثي وَسُنَّتي . ۱
وقد كانت الحكومة الوسيلة الوحيدة الّتي استغلّها النبيّ صلى الله عليه و آله وحققّ هدفه من خلالها ، وقد أدّى صلى الله عليه و آله مسؤوليته وواجبه سواء تولّى الحكم أم لم يتولّه (مثل عهد ما قبل الهجرة) .
وتدلّ التوجيهات والتأويلات الّتي سنذكرها نقلاً عن محققّي الحديث من أهل السنّة على أنّهم فسّروا الخليفة حسب المعنى الشائع دون الالتفات إلى غاية بعثة الأنبياء ، فبحثوا عن الخليفة بين الحكّام وأرباب القوّة ، ومن البديهي أنّ حكّاما ظلمة ودمويّين مثل يزيد وعبدالملك لا يمكن اعتبارهم خلفاء لأعظم الأنبياء والرسل وخاتمهم .
ولاشكّ في أنّ هدف النبيّ صلى الله عليه و آله من هذا الحديث هو التعريف بأفضل الأشخاص الّذين يتمتّعون من بعده بالصّلاحيّة الكاملة لقيادة الاُمّة الإسلامية .
ولكنّنا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ منصب النبوّة منزّه عن الكلام الباطل أو الغامض ، فإنّ المسألة المهمّة في فقه الحديث وفهم كلامه صلى الله عليه و آله هي تعيين مصداق الخلفاء الاثني عشر الّذين قدّمهم باعتبارهم الخلفاء من بعده .
والإجابة على هذا السؤال واضحة من وجهة نظر أتباع أهل البيت عليهم السلام ، ذلك لأنّهم يعتقدون بأنّ الخلفاء الاثني عشر لرسول اللّه صلى الله عليه و آله هم من أهل البيت عليهم السلام ، وأوّلهم الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وآخرهم الإمام المهديّ ـ عجّل اللّه تعالى فرجه ـ حيث ما يزال على قيد الحياة ، وسيملأ ذات يومٍ العالمَ قسطا وعدلاً . ۲
ورغم أنّ محدّثي أهل السنّة يعتبرون حديث جابر بن سمرة صحيحا ، إلّا أنّهم لا

1.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۴۲۰ ح ۵۹۱۹ .

2.راجع : ص ۲۸۴ (ما روي في بيان عدد الأئمّة و أسمائهم) .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
302

ذلك تأكيده صلى الله عليه و آله أنّ قيام الدين وعزّة الإسلام وصلاح الاُمّة حتّى القيامة متوقّف على خلافتهم ؛ كلّ ذلك يُظهر بوضوح أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يريد من هذا البلاغ الهامّ أن يُقدّم مواصفات وخصوصيّات الأشخاص الّذين يتمتّعون من بعده بالصلاحية العلمية والعملية والسياسية والإدارية اللّازمة لقيادة المجتمع الإسلامي ، الأشخاص الّذين بإمكانهم ـ من جميع الجوانب ـ أن يكونوا خلفاء اللّه وخلفاء رسوله صلى الله عليه و آله .
وقد بلغت أهمّية هذا العنوان وهذا البلاغ حدّا ، بحيث إنّ أبا بكر لم يكن يُسمّي نفسه خليفة في بداية حكمه ، حيث قال مجيبا لمن قال له :
أنتَ خَليفَةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟ فَقالَ : لا . قالَ : فَما أنتَ ؟ قالَ : أنَا الخالِفَةُ بَعدَهُ . ۱
وإنّ الدقّة والتأمّل في معنى كلمة الخليفة يوضّحان هذا المعنى ، فالخليفة يعني النائب والبديل ، وهو الشخص الّذي يتولّى مسؤوليّات الشخص السابق ويملأ فراغه ، والمسؤولية الرئيسة والمحورية للنبيّ صلى الله عليه و آله هي هداية الناس وإرشادهم إلى الفلاح والفوز .
بناءً على ذلك ، فإنّ الشخص الوحيد الّذي يستحقّ عنوان الخلافة هو الّذي يعمل على هداية الناس على أفضل وجه .
لذلك فقد اعتبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله الدعاة إلى الدين خلفاءه ، حيث أكّد في هذا المجال قائلاً :
اللَّهُمَّ ارحَم خُلَفائي .
قيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ومَن خُلَفاؤُكَ؟

1.النهاية في غريب الحديث : ج ۲ ص ۶۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2392
صفحه از 481
پرینت  ارسال به