195
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلَـمَ دِينًا» ۱ .
وأمرُ الإِمامَةِ مِن تَمامِ الدّينِ ، ولَم يَمضِ صلى الله عليه و آله حَتّى بَيَّنَ لِاُمَّتِهِ مَعالِمَ دينِهِم ، وأوضَحَ لَهُم سَبيلَهُم ، وتَرَكَهُم عَلى قَصدِ سَبيلِ الحَقِّ ، وأقامَ لَهُم عَلِيّا عليه السلام عَلَما وإماما ، وما تَرَكَ لَهُم شَيئا يَحتاجُ إلَيهِ الاُمَّةُ إلّا بَيَّنَهُ ، فَمَن زَعَم أنَّ اللّهَ عز و جل لَم يُكمِل دينَهُ فَقَد رَدَّ كِتابَ اللّهِ ، ومَن رَدَّ كِتابَ اللّهِ فَهُوَ كافِرٌ بِهِ .
هَل يَعرِفونَ قَدرَ الإِمامَةِ وَمَحَلَّها مِنَ الاُمَّةِ فَيَجوزَ فيهَا اختِيارُهُم ؟ ! إنَّ الإِمامَةَ أجَلُّ قَدرا ، وأعظَمُ شَأنا ، وأعلى مَكانا ، وأمنَعُ جانِبا ، وأَبعَدُ غَورا مِن أن يَبلُغَهَا النّاسُ بِعُقولِهِم ، أو يَنالوها بِآرائِهِم ، أو يُقيموا إماما بِاختِيارِهِم .
إنَّ الإِمامَةَ خَصَّ اللّهُ عز و جل بِها إبراهيمَ الخَليلَ عليه السلام بَعدَ النُّبُوَّةِ وَالخُلَّةِ مَرتَبَةً ثالِثَةً ، وفَضيلَةً شَرَّفَهُ بِها وأشادَ بِها ذِكرَهُ ۲
، فَقالَ : «إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا» ، فَقالَ الخَليلُ عليه السلام سُرورا بِها : «وَ مِن ذُرِّيَّتِى» قالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : «لَا يَنَالُ عَهْدِى الظَّــلِمِينَ» ۳ ، فَأَبطَلَت هذِهِ الآيَةُ إمامَةَ كُلِّ ظالِمٍ إلى يَومِ القِيامَةِ وصارَت فِي الصَّفوَةِ ، ثُمَّ أكرَمَهُ اللّهُ تَعالى بِأَن جَعَلَها في ذُرِّيَّتِهِ أهلِ الصَّفوَةِ وَالطَّهارَةِ ، فَقالَ : «وَ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـقَ وَ يَعْقُوبَ نَافِلَةً وَ كُلاًّجَعَلْنَا صَــلِحِينَ * وَ جَعَلْنَـهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ تِ وَ إِقَامَ الصَّلَوةِ وَ إِيتَاءَ الزَّكَوةِ وَ كَانُواْ لَنَا عَـبِدِينَ» . ۴
فَلَم تَزَل في ذُرِّيَّتِهِ يَرِثُها بَعضٌ عَن بَعضٍ ، قَرنا فَقَرنا ، حَتّى وَرَّثَهَا اللّهُ تَعالَى النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ جَلَّ وتَعالى : «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِىُّ

1.المائدة : ۳ .

2.أشاد به : إذا أشاعه ورفع ذكره (النهاية : ج ۲ ص ۵۱۷ «شيد») .

3.البقرة : ۱۲۴ .

4.الأنبياء : ۷۲ و ۷۳ .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
194

غَوِيٌّ ، ولا يَصُدُّ عَنهُ إلّا جَرِيٌّ عَلَى اللّهِ جَلَّ وعَلا. ۱

۳۴۴۱.الإمام الرضا عليه السلام :لِلإِمامِ عَلاماتٌ : يَكونُ أعلَمَ النّاسِ ، وأحكَمَ النّاسِ ، وأتقَى النّاسِ ، وأحلَمَ النّاسِ ، وأشجَعَ النّاسِ ، وأسخَى النّاسِ ، وأَعبَدَ النّاسِ. ۲

۳۴۴۲.عيون أخبار الرضا عليه السلام عن الحسن بن الجهم :حَضَرتُ مَجلِسَ المَأمونِ يَوما وعِندَهُ عَلِيُّ ابنُ موسَى الرِّضا عليه السلام ، وقَدِ اجتَمَعَ الفُقَهاءُ وأهلُ الكَلامِ مِنَ الفِرَقِ المُختَلِفَةِ ، فَسَأَلَهُ بَعضُهُم ، فَقالَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، بِأَيِّ شَيءٍ تَصِحُّ الإِمامَةُ لِمُدَّعيها ؟
قالَ : بِالنَصِّ وَالدَّليلِ .
قالَ لَهُ : فَدَلالَةُ الإِمامِ فيما هِيَ ؟
قالَ : فِي العِلمِ وَاستِجابَةِ الدَّعوَةِ. ۳

۳۴۴۳.الكافي عن عبد العزيز بن مسلم :كُنّا مَعَ الرِّضا عليه السلام بِمَروَ ، فَاجتَمَعنا فِي الجامِعِ يَومَ الجُمُعَةِ في بَدءِ مَقدَمِنا ، فَأَداروا أمرَ الإِمامَةِ وذَكَروا كَثرَةَ اختِلافِ النّاسِ فيها ، فَدَخَلتُ عَلى سَيِّدي عليه السلام فَأَعلَمتُهُ خَوضَ النّاسِ فيهِ ، فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثُمَّ قالَ :
يا عَبدَ العَزيزِ ، جَهِلَ القومُ وخُدِعوا عَن آرائِهِم ، إنَّ اللّهَ عز و جل لَم يَقبِض نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله حَتّى أكمَلَ لَهُ الدّينَ ، وأنزَلَ عَلَيهِ القُرآنَ فيهِ تِبيانُ كُلِّ شَيءٍ ، بَيَّنَ فيهِ الحَلالَ وَالحَرامَ، وَالحُدودَ وَالأَحكامَ ، وجَميعَ ما يَحتاجُ إلَيهِ النّاسُ كَمَلاً ، فَقالَ عز و جل : «مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَـبِ مِن شَىْ ءٍ» ۴ ، وأنزَلَ في حَجَّةِ الوَداعِ وهِيَ آخِرَ عُمُرِهِ صلى الله عليه و آله : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ

1.الكافي : ج ۱ ص ۲۰۳ ح ۲ ، الغيبة للنعماني : ص ۲۲۴ ح ۷ نحوه وكلاهما عن إسحاق بن غالب ، بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۱۵۰ ح ۲۵ .

2.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۴۱۸ ح ۵۹۱۴ ، الخصال : ص ۵۲۷ ح ۱ ، معاني الأخبار : ص ۱۰۲ ح ۴ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۱ ص۲۱۲ ح۱ كلّهاعن الحسن بن عليّ بن فضّال، بحار الأنوار: ج۲۵ ص۱۱۶ ح۱.

3.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۲۰۰ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۱۳۴ ح ۶ .

4.الأنعام : ۳۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2614
صفحه از 481
پرینت  ارسال به