كمثل الوالد للناس ، يربّيهم ويعلّمهم ، فقد ورد في الحديث عنه صلى الله عليه و آله :
إنَّما أنَا لَكُم مِثلُ الوالِدِ اُعَلِّمُكُم . ۱
لقد كان النبيّ صلى الله عليه و آله يطرح نبوّته على أنّها ظاهرة تنطبق والمعايير العقليّة والعلميّة، بحيث يتسنّى معها للعلماء وبسهولة ـ لو شاؤوا ـ معرفة صدقه في دعواه في الارتباط بمبدأ الوجود الأعلى :
« وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ » . ۲
لقد كان صلى الله عليه و آله يحذّر الناس بشدّة من اتّباع ما ليس للإنسان فيه علم ولا يقين ، وكان يتلو عليهم قوله سبحانه:
« وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ » . ۳
ومن خلال هذه المقدّمة ، يتّضح لنا بأنّ الهدف من الحديث الذي يشير الى ضرورة معرفة الإمام في كلّ عصر ، يتجاوز الإطار الفردي ، فليس المراد هو أنّ المسلم إذا لم يعرف إمام زمانه سيكون غير مسلم في الواقع ، وأنّ إسلامه وكفره سواء حينئذٍ ، بل الأمر الأهمّ الذي يشير له هذا الحديث هو أنّ عصر العلم ـ الذي ابتدأ ببعثة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله ـ لا يمكن أن تكتب له الاستمراريّة ، إلّا اذا عرف المسلمون في كلّ زمان إمامهم واقتدوا به .
ومجمل الكلام : إنّ الإمامة هي الضمانة لاستمرار عصر العلم أو عصر الإسلام الحقّ، وبدون هذه الضمانة سيؤول مصير المجتمع إلى جاهليّة ما قبل الإسلام ، ويستوحي هذا الحديث مضمونه ـ في الواقع ـ من الآية الكريمة التي تستشرف المستقبل حيث تقول:
« وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَـبِكُمْ » . ۴