إنّ الشرط الأوّل للإفادة من نعمة الأمل هو المعرفة ، فإذا لم يدرك المرء ولم يشخّص ما في هذه الدنيا من آمال عقلانيّة منطقيّة ممكنة الحصول ، فإنّه ينفق عمره في خيالات وأوهام لا تحقّق لها أبدا .
إنّ النقطة الجديرة بالتأمل هي أنّ الروايات قد استعرضت أسباب الآمال الباطلة والرغبات المذمومة وجذورها ، وحصرتها بالجهل والحماقة والغفلة ، والانحطاط الأخلاقي والسلوكي ، وحبّ الدنيا والشقاء ، هذا من جهة . ومن جهة اُخرى فقد عرضت آثار الآمال الباطلة وأضرارها وحصرتها بزوال العقل، وذهاب البصيرة، ونسيان الموت والحياة الأبديّة ، وقسوة القلب، والتقصير في إنجاز صالح الأعمال والغفلة عنها ، والوقوع في شِراك المفاسد والمصاعب والمنغِّصات .
إنّ الحديث عن جذور الأماني الباطلة ومضارّها ، يعني أنّ المرتبة الدنيا من الجهل والتلوّث الأخلاقيّ والسلوكي هما السبب وراء حصول الأماني الباطلة المذمومة ، فيما تغدو المراحل الأعلى من ذلك نتائجَ لتلك الأماني ومستتبعات لها، بحيث أنّ الإنسان يتمنّى ـ ونتيجة الجهل وعدم الدراية ـ أشياء تؤدّي به إلى الانحطاط الأخلاقي والعملي ، والانحطاط الذهني والروحي ، ممّا يهيّئ الأرضيّة بدوره لجهل أكثر وأماني أخطر ، حتّى يشرف صاحبها على الموت .
من هنا، كلّما استطالت الأماني الإنسانية الباطلة وتنامت ، تضاعف جهل الإنسان وانحطاطه وتلوّثه وفشله وحرمانه .
خامسا : الحكمة من قصر الأمل
إنّ التأمّل فيما ورد في بيان آثار طول الأمل وأخطاره ، يوضّح لنا الحكمة في تأكيد أئمّة الدين لأتباعهم ضرورة قصر الأماني الماديّة .
إضافةً إلى ذلك، فإنّ القيم الأخلاقيّة من قبيل : الإحسان ، والإخلاص ، والصدق ،