15
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

ثالثا : طريق بلوغ الآمال وآفاته

حينما يحدّد الإنسان هدفه الأعلى وغاية مناه في الحياة ، فإنّه يجعل كلّ رغباته وطموحاته في اتّجاه ذلك الهدف ، لأنّه يعلم أنّ أيّ رغبة أو طموح في اتّجاه هذا الأمل الكبير هي حقّة صحيحة ، وكلّ ما خالفها باطلٌ زائف .
لكنّ بلوغ الآمال والطموحات الفضلى بحاجة في الخطوة الاُولى إلى دوافع خيّرة وثقة بالنفس ، ثمّ إنّه بحاجة إلى سعي و ثبات وصبر و أناة ، وتوكّل على اللطيف المتعال وطلب العون منه .
وفي المقابل ، فإنّ من آفات بلوغ الآمال ، عدم تحديد الهدف من الحياة ، وعدم معرفة الحاجات الحقيقيّة والأماني الحقّة ، وعدم الاكتراث بالحياة الخالدة ، و انتياب حالات الكسل والجزع ، والانشغال بالأعمال الباطلة والمشاغل الضارّة ، والانحطاط الأخلاقي والعملي ، والأهمّ من كلّ ذلك عدم الاعتماد على المواهب الفطريّة الربّانيّة ، والاعتماد على ما سوى اللّه تعالى في الحياة ، وسوف تأتي لاحقا ـ في الفصل الثالث والرابع ـ الإشارة إلى تعاليم أهل البيت عليهم السلام وإرشاداتهم في هذا الخصوص .

رابعا : خطر طول الأمل

لقد بيّنّا آنفا أن الأمل رحمة إلهيّة مهداة إلى الإنسان ، فهو قوام الحياة ، ولكن قد يظنّ البعض أنّه طالما يجب على الإنسان أن يستفيد من هذه الرحمة والذخيرة الإلهيّة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، فلماذا تحذّر الروايات الشريفة من خطر طول الأمل ؟
للجواب على هذا التساؤل نقول : صحيح إنّ الأمل نعمة إلهيّة ، ولكن إذا لم توظّف هذه النعمة بالشكل الصحيح ، فإنّها ستنقلب ـ كغيرها من النعم الإلهيّة ـ إلى نقمة ، ممّا يؤدّي إلى تعاسة الإنسان وبؤسه .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
14

جميعا ۱ ، لذا يرغب إليَّ العارفون ۲ ، وأنا منتهى آمالهم، ومحطّ أمانيّهم ، بل فوق ما يتمنّون ۳ ، فاذا ارتبطتم بي فسوف تفوزون في الدنيا والآخرة :
«مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ» . ۴
عند ذلك تغمركم الطمأنينة المطلقة :
«أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » . ۵
وإذا نسيتموني فإنّكم في الحقيقة إنّما تنسون أنفسكم :
«نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ» . ۶
في هذه الصورة لا تستشعرون الطمأنينة في كلّ ما تنالونه من أمانيّكم :
«وَ مَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا» . ۷
بهذا الحال لو أردت أن اُعرّفك نفسي بأجلى من ذلك ، فأنا الذي لا تقطع دونه الآمال حينما تنقطع عن كلّ شيء ۸ ، وأنا الذي التجأت إليه بكلّ وجودك ، ودعوته وطلبت منه إجابة مسألتك .

1.راجع : ص ۲۷ ح ۲۹۲۳ .

2.راجع : ص ۳۲ (غاية آمال العارفين) .

3.راجع : ص ۳۴ (فوق المُنى) .

4.النساء : ۱۳۴ .

5.الرعد : ۲۸ .

6.الحشر : ۱۹ .

7.طه : ۱۲۴ .

8.راجع : ص ۳۷ (المأمول عند انقطاع الآمال) .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2421
صفحه از 481
پرینت  ارسال به