ثالثا : طريق بلوغ الآمال وآفاته
حينما يحدّد الإنسان هدفه الأعلى وغاية مناه في الحياة ، فإنّه يجعل كلّ رغباته وطموحاته في اتّجاه ذلك الهدف ، لأنّه يعلم أنّ أيّ رغبة أو طموح في اتّجاه هذا الأمل الكبير هي حقّة صحيحة ، وكلّ ما خالفها باطلٌ زائف .
لكنّ بلوغ الآمال والطموحات الفضلى بحاجة في الخطوة الاُولى إلى دوافع خيّرة وثقة بالنفس ، ثمّ إنّه بحاجة إلى سعي و ثبات وصبر و أناة ، وتوكّل على اللطيف المتعال وطلب العون منه .
وفي المقابل ، فإنّ من آفات بلوغ الآمال ، عدم تحديد الهدف من الحياة ، وعدم معرفة الحاجات الحقيقيّة والأماني الحقّة ، وعدم الاكتراث بالحياة الخالدة ، و انتياب حالات الكسل والجزع ، والانشغال بالأعمال الباطلة والمشاغل الضارّة ، والانحطاط الأخلاقي والعملي ، والأهمّ من كلّ ذلك عدم الاعتماد على المواهب الفطريّة الربّانيّة ، والاعتماد على ما سوى اللّه تعالى في الحياة ، وسوف تأتي لاحقا ـ في الفصل الثالث والرابع ـ الإشارة إلى تعاليم أهل البيت عليهم السلام وإرشاداتهم في هذا الخصوص .
رابعا : خطر طول الأمل
لقد بيّنّا آنفا أن الأمل رحمة إلهيّة مهداة إلى الإنسان ، فهو قوام الحياة ، ولكن قد يظنّ البعض أنّه طالما يجب على الإنسان أن يستفيد من هذه الرحمة والذخيرة الإلهيّة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، فلماذا تحذّر الروايات الشريفة من خطر طول الأمل ؟
للجواب على هذا التساؤل نقول : صحيح إنّ الأمل نعمة إلهيّة ، ولكن إذا لم توظّف هذه النعمة بالشكل الصحيح ، فإنّها ستنقلب ـ كغيرها من النعم الإلهيّة ـ إلى نقمة ، ممّا يؤدّي إلى تعاسة الإنسان وبؤسه .