121
موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع

إنّ أهمّ دليل جدير بالمناقشة ، يقام لنقض أدلّة استمرار الإمامة ، هو النصوص التي تدلّ على فترات من الفتور والانقطاع بين بعثة الأنبياء .
إنّ « الفتور » في الأصل ، السكون والهدوء ، لذا سمّيت الفترة الفاصلة بين حركتين ، أو قيامين أو سعيين بفترة الفتور . وقد عبّر القرآن الكريم عن الفترة الواقعة بين نبوّة عيسى عليه السلام والنبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله بعهد «فترة الرسل» ، والتي استمرّت ۶۰۰ عام . ۱
إنّ بعض الروايات تصرّحُ بأنّ الذين يعيشون فترة الفتور مستضعفون ، ولا يحاسبهم اللّه يوم القيامة ۲ . لذا تطرح هذه الشبهة بأنّ الإمامة والهداية لم تستمرّ في زمن الفتور .
يمكننا الردّ على هذه الشبهة بأنّ القرآن والأحاديث سمّت الفاصلة الزمنية بين المسيح عليه السلام والنبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله ب «فترة الرسل» ولم تسمّها «فترة الإمامة والحجّة» ، فلا يمكن للنصوص التي تدلّ على زمن الفتور ، نفي استمرار الإمامة والهداية الإلهية في كافّة الأزمان ، فهي لا تعارض تلك النصوص إطلاقا .
كما أنّ القرآن يشير ۳ إلى أنّه قد بعث ثلاثة أنبياء على الأقلّ بين السيّد المسيح عليه السلام وخاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله . بناءً على روايات متعدّدة ، فإنّ لكلّ الأنبياء كان هناك أوصياء ۴
يقومون بالهداية الظاهرية والباطنية لأتباع الحقّ في زمن «فترة

1.يعتقد البعض : إنّ الفترة بين هذين النبيّين أقلّ من ۶۰۰ عام، بينما يعتبرها البعض الآخر أكثر من ذلك. وممّا يقال : إنّ الفترة بين ولادة عيسى عليه السلام وهجرة النبي صلى الله عليه و آله ۶۲۱ سنة و ۱۹۵ يوما حسب التقويم الرومي . راجع: تفسير أبي الفتوح الرازي : ج ۴ هامش الصفحة ۱۵۴ للعلّامة الشعراني .

2.الكافي : ج۳ ص۲۴۸ ح۱ ، معاني الأخبار : ص۴۰۸ ح۸۶ .

3.يس : ۱۴ .

4.راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : (القسم الثالث / الفصل الأوّل : أحاديث الوصاية) .


موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
120

الإلهية في كافّة الأزمان ، والأحاديث التي سننقلها في الفصل الرابع حول دور الإمام الغائب في نظام الخلق ، وحديث الثقلين ۱ يوصلنا إلى النقاط التالية :
۱ . المقصود من «الإمام» أو «الحجّة» أو «العالم» في كافة الروايات المذكورة آنفا هو «الهادي» المذكور في الآية السابعة من سورة الرعد ، وفي الحقيقة إنّ هذه الروايات تفسّر الآية المذكورة والآيات المشابهة لها ، وكلّ من هذه الأسماء يشير إلى صفة من صفات الهادي والمرشد الإلهي في كلّ زمان .
۲ . يشمل لفظ الهداة من قبل اللّه ، الذين وجب وجودهم واحدا تلو الآخر في كافة الأزمان ، الأنبياء وخلفاءهم .
۳ . الهداة بعد خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله إلى يوم القيامة هم أهل بيته . ويدلّ على هذا المعنى ، إضافة إلى أحاديث هذا الفصل ، أحاديث الفصل الثاني والثالث والرابع أيضا .
۴ . من الممكن أن يغيب الهادي في مقاطع من التاريخ لأسباب ما ، وفي هذه الحالة يتمتّع الناس من بركاته التكوينية حتّى ظهوره ، وإن حرموا من بعض منافع وجوده .

نقد الأدلّة التي تنفي استمرار الإمامة

بناء على النقاط المذكورة والتي استقيناها من الأحاديث الصحيحة المؤيَّدة بالقرآن الكريم ، فقد امتدّت الإمامة والهداية الإلهية لتشمل كافّة الأزمان ، ولم تخل الأرض قط من الحجّة الإلهية . لكن هناك نصوص اُخرى قبال الآيات والأحاديث التي تدلّ على هذا المعنى ، والتي تشير حسب الظاهر إلى عدم استمرار الإمامة والهداية في كافّة الأزمنة ، ومن الضروري طرحها هنا ومناقشتها .
۱ . ما يدلّ على فترة الانقطاع والفتور

1.راجع : ص ۳۱۳ (حديث الثقلين ودلالته على استمرار إمامة أهل البيت إلى يوم القيامة) .

  • نام منبع :
    موسوعة ميزان الحکمة - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين، رضا برنجكار، سيد محمّد كاظم الطّباطبائي
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2210
صفحه از 481
پرینت  ارسال به