وبالأخصّ الشيعة الإمامية - بالفكر الاعتزالي، بل علی العكس من ذلك، يمكن رصد بعض الحالات الدالّة على وجود تأثّر للمعتزلة بالفكر الشيعي، وهي:
۱. ما تقدّم من تفاخر المعتزلة وتصريحهم بأنّ أهمّ أصولهم وهي التوحيد والعدل قد أخذوها من كلام أمير المؤمنين علیه السّلام، من طريق تتلمذ واصل على يد أبي هاشم، وتتلمذ الأخير على أبيه محمّد بن الحنفية، الذي كان تلميذاً لوالده العظيم۱. وأميرُ المؤمنين علیه السّلام إمام الشيعة، ومَعِينهم الذي لا ينضب، فهو مَن إليه يَرِدون، ومنه يصدرون، وإليه ينتمون، وبرجوعهم إليه لا إلى غيره يفخرون.
۲. تأثُّر النظّام المعتزلي بهشام بن الحكم: فمن المعروف أنّ النظّام تتلمذ على يد هشام۲، أشهر وأكبر متكلّم إمامي في عصره. وقد ظهرت آثار هذا التأثّر من خلال بعض آراء النظّام، مثل إنكاره لحجّية الإجماع والقياس، وقدحه في بعض الصحابة۳.
۳. تأثُّر معتزلة البصرة - كما قيل - بزرارة بن أعين - أحد كبار متكلّمي وفقهاء الإمامية - في رأيه بالصفات، فقد نسب البغدادي إلى زرارة القول بحدوث الصفات، ثمّ قال: «وعلى منوال هذا الضالّ نسجت القدرية البصرية في القول بحدوث كلام اللّٰه، وعليه نسجت الكرامية في قولها بحدوث قول اللّٰه، وإرادته، وإدراكاته»۴.
۴. تأثُّر معتزلة بغداد برأي الشيعة حول تفضيل أمير المؤمنين علیه السّلام على باقي الخلفاء، وهو يرجع کما تقدّم إلى الخلفية الفكرية لبشر بن المعتمر رأس معتزلة بغداد، الذي قيل إنّه نشأ في الكوفة ذات الميول الشيعية الواضحة۵. وفي الحقيقة إنّ تأثّر معتزلة بغداد بالشيعة أشهر من أن يذكر، حيث وصل الأمر إلى أن يصف الخيّاطُ المعتزليُّ أحدَ كبار معتزلة بغداد - أعني أبا جعفر الإسكافي - بأنّه من