63
الشريف المرتضى و المعتزلة

الفصل الثالث:

اتّهام الإمامية والمرتضى بالاعتزال

يمكن من خلال تتبّع تاريخ العلاقة بين الشيعة الإمامية والمعتزلة من جهة، والمرتضى والمعتزلة من جهة أخرى، والاتّهامات التي وُجّهت اليهم بالتأثّر بالمعتزلة، يمكن أن يتّضح لنا مدى أهميّة هذا البحث، فقد مرّت علاقة الشيعة والمعتزلة على طول التاريخ بمراحل متعدّدة، توزّعت بين علاقة تضارُبٍ في الآراء تارة، وعلاقة تأثير وتأثّر متبادَلين تارة أخرى، ففي عصر الحضور۱ كان المشهد البارز الذي طغى على هذه العلاقة هو بروز حالة من النِدّية والمواجهة بين الفريقين، ظهرت في عدد من المناظرات التي دارت بين كبار متكلّمي الإمامية والمعتزلة، مثل هشام بن الحكم، وعليّ بن إسماعيل المِيثمي من جهة، ومثل عمرو بن عبيد الباب، وأبي الهذيل العلّاف من جهة أخرى۲.

وقد أدّت هذه المواجهة الفكرية إلى وقوف المدرسة الشيعية الإمامية كمدرسة قائمة بذاتها إلى جانب باقي المدارس الكلامية - ومنها مدرسة الاعتزال -، لها أسسها الفكرية التي تستند اليها، وآراؤها الكلامية التي تؤمن بها، وتستدلّ لإثباتها، وتدافع عنها.

۱. الإمامية والاعتزال

يبدو أنّه لم تظهر في عصر الحضور أيُّ دعوى بارزة حول وجود تأثّر للشيعة -

1.. أي الفترة التي سبقت عصر الغيبة، والتي استمرّت إلى أواسط القرن الثالث، وبالتحديد إلى سنة ۲۶۰.

2.. انظر: الكليني، الكافي، ج۱، ص۱۶۹؛ المفيد، الفصول المختارة، ص۸۶.


الشريف المرتضى و المعتزلة
62

الإمامة، بل سرى إلى أبحاث كلامية مختلفة.

وكان من أبرز أعلام الاعتزال البغدادي جعفر بن حرب، وجعفر بن مبشر، والإسكافي، وأبو القاسم البلخي، والرمّاني، وغيرهم. وصارت أفكار البلخي في القرن الرابع وما تلاه أبرز أفكار معتزلة بغداد، فلو قيل: قال معتزلة بغداد كذا، فالمقصود بذلك أبو القاسم البلخي.

وكتب أبو رشيد النيسابوري كتاباً بيَّن فيه موارد الخلاف بين البصريين والبغداديين، سمّاه: المسائل في الخلاف بين البصريين والبغداديين۱.

ولا نرغب في الإسهاب في تفصيل تاريخ المعتزلة، فهناك بحوث ومصادر عديدة كُتبت حول هذه الفرقة الكلامية المهمّة۲، وتمكّنت من إعطاء صورة جيّدة عن هذه الفرقة التي كانت في يوم من الأيام تملأ الدنيا صخباً، لكنّها انقرضت وبادت، وذهب مجدُها أدراجَ الرياح بسبب عوامل سياسية، وأخطاء ارتكبها المعتزلة أنفسهم عندما وصلوا إلى السلطة، حيث أدّت هذه الأخطاء إلى الانتقام منهم والقضاء عليهم في فترات لاحقة.

1.. طبع بتحقيق معن زيادة ورضوان السيّد، الناشر: معهد الإنماء العربي - طرابلس - ليبيا، ۱۹۷۹م.

2.. انظر على سبيل المثال:
۱. نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج۱، د. علي سامي النشّار، الناشر: دار المعارف - القاهرة، ط۸.
۲. المعتزلة في بغداد، وأثرهم في الحياة الفكرية والسياسية، أحمد شوقي إبراهيم العمرجي، الناشر: مكتبة مدبولي - القاهرة، ط۱، ۲۰۰۰م.
۳. المعتزلة ومشكلة الحريّة الإنسانية، د. محمّد عمارة، الناشر: دار الشروق، ط۲، ۱۴۰۸ﻫ-۱۹۸۸م.
۴. معتزلة البصرة وبغداد، د. رشيد الخيّون، الناشر: دار الحكمة - لندن، ط۱، ۱۹۹۷م.
۵. أثر المعتزلة في الفلسفة الإلهية عند الكندي، هناء عبده سليمان أحمد، الناشر: مكتبة الثقافة الدينية - القاهرة، ط۱، ۱۴۲۵ﻫ -۲۰۰۵م.
۶. المنحى الاعتزالي في البيان وإعجاز القرآن، أحمد أبو زيد، الناشر: مكتبة المعارف - الرباط، ط۱.
۷. التفكير الدلالي عند المعتزلة، د. علي حاتم الحسن، الناشر: دار الشؤون الثقافية العامّة - بغداد، ۲۰۰۱م.

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3713
صفحه از 275
پرینت  ارسال به