المعتزلة قد اختصّوا بهذا الأصل، ولم يؤمن به غيرهم، بل صار الإيمان بذلك عَلَماً وعلامة تميّز المعتزلي عن غيره.
وينبغي هنا التنبيه على نقطة، وهي أنّ الإمامية لم ينكروا التوحيد والعدل حتّى إذا قالوا بهما صاروا من المعتزلة، بل كانوا يقولون بهما منذ البداية، ولكن تعرّض الإمامية منذ فترة مبكّرة من تاريخهم إلى هجمة من قِبَل الآخرين بسبب بعض الاعتقادات التي كانوا يؤمنون ببعضها، ولا يؤمنون بالبعض الآخر، بل كان هذا البعض الآخر مجرّد اتّهام لا جانب له من الصحة. وقد حاول الشيعة أن يبرّؤا أنفسهم من تلك الاعتقادات الباطلة، فنجحوا في تبرئة أنفسهم من بعضها - مثل تهمة التجسيم والجبر -، بينما لم يتمكّنوا من تبرئة أنفسهم من بعضها الآخر - مثل تهمة تحريف القرآن - إلى يومنا هذا، كما سوف يأتي بعد قليل.
وأهمّ هذه الاعتقادات هي: القول بالتشبيه والتجسيم، والبَداء، والرجعة، وحدوث العلم الإلهي، وتحريف القرآن.
وقد اتّهم الشيعة من القرن الثاني ببعض هذه الاعتقادات، يقول الجاحظ (ت۲۵۵ه ) بهذا الصدد في كتاب حجج النبوّة : «ليس على ظهرها رافضي إلّا وهو يزعم أنّ ربّه مثله، وأنّ البدوات تعرض له، وأنّه لا يعلم الشيء قبل كونه إلّا بعلم يخلقه لنفسه»۱.
أمّا القول بالرجعة والبَداء فهو أمر تقول به الشيعة، ولا تتبرّأ منه۲.
وأمّا القول بتحريف القرآن فما زالت الشيعة تتبرّأ منه على طول التاريخ إلى يومنا هذا، لكن من دون جدوى، فما زال أعداء الشيعة يكرّرون هذه التهمة القديمة التي تعب الشيعة من التبرّؤ منها۳، ولكن: