41
الشريف المرتضى و المعتزلة

القاضي - التي تمثّل مدرسة معتزلة البصرة - على فكر المرتضى، سواء كان هذا التأثير من خلال حضور الأخير في درس القاضي، أو من خلال مطالعة كتبه الكلامية، حيث تقدّم اتّهام المرتضى بالانحياز إلى معتزلة البصرة الذين يمثّلهم القاضي. وفي الحقيقة هذه أحد الأهداف المهمّة في هذه الدراسة.

۱۵. الحسين بن عليّ بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير، أبو القاسم المغربي، المعروف بالوزير المغربي (ت۴۱۸ه‍ )۱: لقد استظهر الأفندي أنّ المرتضى تتلمذ على يد الوزير المغربي، حيث قال في ترجمة الأخير: «يظهر من كلام الشيخ في الفهرس في ترجمة السيّد المرتضى أنّ السيّد المرتضى يروي عنه»۲.

لكن إذا راجعنا ترجمة المرتضى في فهرست الشيخ، لا نجد هناك إشارة إلى الوزير المغربي، حتّى نستظهر رواية المرتضى عنه أو عدمها، ويبدو أنّه مجرّد وهم من الأفندي لا أكثر.

أضف إلى ذلك، أنّه إذا لاحظنا تعابير المرتضى عن الوزير المغربي لا نلاحظ أيّ إشارة تدلّ على تتلمذه عليه، على الرغم من احترامه له، فقد قال المرتضى في مقدّمة بعض رسائله: «جرى في مجلس الوزير السيّد الأجلّ أبي القاسم الحسين بن عليّ المغربي (أدام الله سلطانه)...الخ»۳. نلاحظ في هذه العبارة عدم وجود ما يدلّ على تتلمذ المرتضى على يده مثل كلمة (شيخنا) وغيرها.

إذن لا يوجد دليل واضح يدلّ على تتلمذ المرتضى على يد الوزير المغربي.

۱۶. الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه (ت۳۸۱ه‍ ): ونحن نشكّ في تتلمذ المرتضى على يد الصدوق، فإنّ الأخير جاء إلى بغداد سنة ۳۵۵ه‍ ۴، وهي سنة ولادة المرتضى، ولا دليل على أنّه بقي في بغداد لفترة طويلة. ولا توجد معلومات حول عودته إلى بغداد عندما صار المرتضى في سنّ يستطيع فيها

1.. الأفندي، رياض العلماء، ج۲، ص۱۴۶.

2.. المصدر السابق.

3.. المرتضی، رسائل الشريف المرتضى، ج۲، ص۸۹.

4.. النجاشي، رجال النجاشي، ص۳۸۹.


الشريف المرتضى و المعتزلة
40

العبارتين بالكامل ليتّضح أنّ إبن المرتضى قد لخّص في الحقيقة عبارة الحاكم الجشمي، ولم يأتِ بشيء جديد، وهذا يعني أنّ المصدر الوحيد لتتلمذ الشريف المرتضى على يد القاضي هو الحاكم الجشمي.

وفي الحقيقة هناك مجال للشكّ في ذلك۱، فالكلّ يعرف المرتضى وكتابه الشافي الذي ردّ فيه بالتفصيل على قسم الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبّار، إضافة إلى ردّه عليه في كتاب الموضح (الصرفة)۲، وهو أمرٌ يقلّل من احتمال تتلمذه على يديه.

نعم، هناك قرينة احتمالية تدلّ على تتلمذ المرتضى على يد القاضي، وهي تتلمذ أخيه الشريف الرضي على يد القاضي، فممّا لا شكّ فيه أنّ الرضي من تلاميذ القاضي، كما ذكر هو بنفسه ذلك أكثر من مرّة۳، فقد درس على يديه علم الكلام، حيث قال: «وممّا علّقته عن قاضي القضاة أبي الحسن عبد الجبّار بن أحمد عند بلوغي في القراءة عليه إلى الكلام في الرؤية...الخ»۴. كما قرأ على يديه كتاب شرح الأصول الخمسة۵، والعمدة في أصول الفقه۶. فمن المستبعد أن يتتلمذ الرضي على يد القاضي، ويترك المرتضى فرصة التتلمذ على يد شخصية كبيرة كالقاضي، على الرغم من الاختلافات المذهبية بينهما. إلّا أنْ يُحتمل أنَّ الشريف الرضي قد ذهب بمفرده إلى الريّ، والتقى بالقاضي، وأخذ العلم منه هناك، أو أنّه أخذ العلم منه في بغداد، لكن كان المرتضى منشغلاً آنذاك بأمورٍ منعته من الحضور في درس القاضي.

وعلى أيّ حال، فالذي يهمّنا في دراستنا هو معرفة مدى التأثير المحتمل لمدرسة

1.. انظر: مجلّة تراثنا، «الکلام عند الإمامیة»، العدد۳۲، ص۸۷.

2.. المرتضى، الموضح (الصرفة)، ص۱۹۷، حيث ردّ المرتضى في هذا الكتاب على قسم من الجزء السادس عشر من كتاب المغني، وهو الجزء المتعلّق بإعجاز القرآن.

3.. الرضي، تلخيص البيان، ص۲۱۲-۲۱۳.

4.. الرضي، المجازات النبوية، ص۴۸.

5.. المصدر السابق، ص۳۶۲.

6.. المصدر السابق، ص۱۸۰.

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3945
صفحه از 275
پرینت  ارسال به