والقدوة في اللغة، وبه الأسوة في العلوم العربية كلّها، وهو المرجع في تفسير كتاب الله العزيز. وجماع القول أنّك لا تجد فضيلة إلّا وهو ابن بجدتها. أضف إلى ذلك كلّه نسبه الوضَّاح، وحسبه المتألّق، وأواصره النبوية الشذية، ومآثره العلوية الوضيئة، إلى أياديه الواجبة في تشييد المذهب، ومساعيه المشكورة عند الإمامية جمعاء، وهي التي خلّدت له الذكر الحميد، والعظمة الخالدة»۱.
إلى غير ذلك من الكلمات الدالّة على مقام المرتضى الرفيع ومنزلته السامية، حتى اعتبره البعض كابن الأثير مجدّداً لمذهب الإمامية على رأس المائة الرابعة۲.
۳. عصره
لقد تميّز القرنان الرابع والخامس الهجريان بنقلة نوعية في مجالات العلم والثقافة، فقد تألّقت فيهما أسماء لامعة قدّمت تراثاً علمياً ثرَّاً في مختلف جوانب المعرفة الإنسانية. إنّه عصر تأسيسي لكثير من النظريات والمدارس الفكرية، حيث صار من جاء بعدها عيالاً عليها. فقد تميّزت القرون اللاحقة لهذه الفترة بالشروح والتعليقات على تراث هذا العصر، وصار عباقرة الفترات اللاحقة يتباهون بالانتماء إلى شخصيات هذا العصر - كقاضي القضاة عبد الجبّار، وأبي الحسين البصري، وأبي الحسن الأشعري، والباقلّاني، والشيخ المفيد، والشيخ الطوسي – وعلى رأسهم الشريف المرتضى.
وقد نشأ الشريف المرتضى في عصر مفعم بحياة فكرية وعلمية نشطة قلّما توجد في عصر آخر. ففي مجال الحديث ظهر مجموعة من كبار رجالات الحديث، كان منهم الشيخ الصدوق (ت۳۸۱ه )، وأبو الحسن الدارقُطني (ت۳۸۵ه )، والتلعكبري (ت۳۸۵ه )، والحاكم النيسابوري (ت۴۰۵ه ).
وفي مجال اللّغة ورواية الأدب ظهرت شخصيات لامعة وعملاقة مثل أبي بكر