الأعضاء الجسدية حياة لم يحصل فيها إدراك، وصارت كالشعر والظفر التي لا يوجد فيها إدراك ولا حياة۱. وقد تبنّى معتزلة البصرة هذا الدليل۲.
الدليل الثالث: أنّ الفعل المبتدأ - في مقابل الفعل المخترع والمتولّد - يظهر في أطراف هذا الجسم المُشاهَد، فالإنسان يضرب بيده، ويمشي برجله، و يرى بعينه وهكذا، وهو يدلّ على أنّ هذا الجسم هو الحيّ، وهو الإنسان حقيقة، ولو كان شيئاً غير هذا الجسم لكان يجب أن تخلق هذه الأفعال في اليد والرجل، والخلق - الذي يسمّيه المرتضى: الاختراع - بهذا الشكل مستحيلٌ أن يصدر من غير الله تعالى، وفقاً لمباني المرتضى الخاصّة۳.
كما أنّه قد يثقل على الإنسان حملُ الجسم الثقيل بإحدى يديه، فإذا استعان بالأخرى تمكّن من ذلك، فلو كانت حقيقة الإنسان وقدرته في غير هذا الجسم المُشاهَد، لما كان هناك فرق بين اليد الواحدة واليدين۴.
ردّ النظرية الأولى
إنّ الذي دعا المرتضى إلى ردّ أن تكون حقيقة الإنسان شيئاً غير هذا الجسم هو مبناه القائل: إنّ القادر بقدرة لا يمكن أن يخلق أشياء في غيره، وإنّما فِعله يكون إمّا ابتداءً مباشرةً أو بالتوليد، أي لابدّ من اتّصال مباشر بين الإنسان وفعله أو غير مباشر، ولهذا إذا كانت حقيقة الإنسان غير هذا الجسم لم يمكن أن تؤثّر في الأشياء بصورة مباشرة (ابتداء) أوغير مباشرة (بالتوليد)، بل سيكون تأثيرها هو ما يسمّى ب «الاختراع»، لكنّ الاختراع من مختصّاته تعالى، فلا يصحّ الاختراع بالنسبة للإنسان.
النتيجة
لقد وافق المرتضى معتزلةَ البصرة في أصل فكرة حقيقة الإنسان، ورفض النظرية