أمّا القرآنية فهي قابلة للتأويل كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وأمّا الروائية فهي في الحقيقة أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، ولا يمكن الاستناد إليها لتأييد نظرية من النظريات، كما هو المبنى المعروف للمرتضى.
وأمّا الأدلّة العقلية فالظاهر أنّه وجدها ضعيفة أيضاً وعاجزة عن دعم النظرية، رغم أنّنا لم نعثر على موضعٍ أشار فيه المرتضى إلى تلك الأدلّة.
۲. تقدّم أنّ الشيخ المفيد قام إلى حدّ كبير بإفراغ النظرية الأولى من محتواها، فقد أنكر كلّ الثمرات التي كان يمكن أن تترتّب عليها، بذريعة إنّها تؤدّي إلى التناسخ المرفوض، وبذلك وجد المرتضى أنّ الإيمان بتلك النظرية لا تنجم عنه فوائد كثيرة ذات بال، وكان هذا ممهّداً نفسياً لرفض النظرية. ۱
۳. وجود إشكالات عقلية متعدّدة على النظرية الأولى، أوردها المرتضى كإشكالاتٍ على نظرية معمر - أحد متكلّمي المعتزلة - الذي كان يؤمن أيضاً بتلك النظرية.
ومن هنا، فإنّ عدم قيام دليل مقنع على النظرية الأولى، بل وجود إشكالات جادّة عليها، وانعدام الكثير من ثمراتها من جهة، وقيام أدلّة عقلية مقنعة على النظرية الثانية، وترتّب ثمرات مهمّة عليها - والتي سوف تأتي الإشارة إليها إن شاء الله تعالى - من جهة أخرى، كلّ ذلك حدا بالشريف المرتضى إلى أن يرفض النظرية الأولى، ويتّجه نحو الإيمان بالنظرية الثانية مغيّراً بذلك اتّجاه بوصلة النظرية الكلاسيكية عند الإمامية بفضل ما كان يملكه من ثقل معنوي وعلمي عندهم، فقد صارت النظرية الثانية هي النظرية السائدة عند الإمامية لعدّة قرون۲.
ويبدو أنّ آخر المحاولات التي بذلت لثني المرتضى عن النظرية الثانية، هي المحاولات التي بذلها أحد تلامذته النابهين المعروف بسلّار، حيث أورد عدّة إشكالات من خلال أسئلة وجّهها إلى المرتضى عُرفت بالمسائل السلّارية، حيث ركّز