النظرية هو المسألة الرابعة من المسائل السروية للشيخ المفيد التي بحث فيها حول الإنسان، ولهذا لا نعرف الأدلّة العقلية التي أقاموها لتبرير نظريّتهم، حتّى إنّ بعض المتكلّمين المتأخّرين من الذين قاموا بتقرير هذه النظرية واستدلّوا عليها - كالعلّامة الحلّي -، اكتفوا بذكر دليل الفلاسفة العقلي عليها، ولم يذكروا الأدلّة العقلية للمتكلّمين من الإمامية على ذلك، وبهذا سوف تبقى أدلّة المتكلّمين العقلية على تجرّد حقيقة الإنسان، في خانة المجهول.
أمّا الأدلّة النقلية التي أقاموها، فهي على نوعين:
۱. أدلّة قرآنية: مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبَّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيَّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)۱. فأخبر تعالى أنّ الإنسان غيرُ الصورة، وأنّه مركّب فيها، ولو كان الإنسان هو الصورة لم يكن لقوله تعالى: (فِى أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ) معنى؛ لأنّ المركّب في الشيء غيرُ الشيء المركّب فيه، ولا مجال لأن تكون الصورة مركّبة في نفسها وعينها.
وقال تعالى في حقّ مؤمن آل فرعون: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبَّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)۲. فأخبر أنّه حيّ ناطق منعّم، وإن كان جسمه على ظهر الأرض، أو في بطنها.
وقال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبَّهِمْ يُرْزَقُونَ)۳. فأخبر أنّهم أحياء، وإن كانت أجسادهم على وجه الأرض میّتة لا حياة فيها۴.
۲. أدلّة روائية: منها ما رواه الشيخ المفيد عن الصادقين علیهما السّلام: «إذا فارقت أرواح المؤمنين أجسادهم، أسكنها الله تعالى في أجسادهم التي فارقوها، فينعّمهم في جنّته»۵.