183
الشريف المرتضى و المعتزلة

وإنّ من أهمّ الأبحاث المتعلّقة ببحث التكليف بصورة عامّة، وببحث المكلَّف – بالفتح - بصورة خاصّة، والتي دار حولها نزاع كبير وخلاف كثير هو البحث عن حقيقة المكلَّف - بالفتح -، أي حقيقة الإنسان الذي يسمّى بـ «الحيّ الفعّال». ولذلك سنخصّص لهذه المسألة المهمّة بحثاً مفصّلاً.

حقيقة الإنسان

من الأبحاث المهمّة في مجال التكليف، والتي لها تأثير على مجموعة من المسائل الكلامية، والتي حصل فيها الخلاف بين المتكلّمين، هي مسألة حقيقة المكلَّف المسمّى بالإنسان، فهل الإنسان هو هذا الجسم المُشاهَد المحسوس، أم أنّ له بعداً مجرّداً غير محسوس يشكّل حقيقته، وليس هذا الجسم إلّا ظاهراً وقشراً لا أكثر، أم ماذا؟ اختلفت آراء متكلّمي المعتزلة بصورة كبيرة، إلّا أنّ آراء الإمامية توزّعت بین نظريتين رئيستين:

النظرية الأولى

النظرية التي يمكن تسميتها بالتقليدية والكلاسيكية؛ باعتبار تقدّمها كما سيأتي، وهي أنّ حقيقة الإنسان شيء قائم بنفسه، لاحجم له ولا حيّز، ولايصحّ عليه التركيب، ولا الحركة ولا السكون، ولا الاجتماع ولا الافتراق، وهو المعبّر عنه ب ‍«الجوهرالبسيط»، وقد یسمّی بـ «الروح»، وهو الذي يقع عليه الثواب والعقاب، وإليه يتوجّه الأمر والنهي والوعد والوعيد۱.

وتعدّ هذه النظرية هي النظرية التقليدية لدى الإمامية، فتاريخها يعود إلى عصر هشام بن الحكم، وقد نسج على منواله بنو نوبخت، وعلى رأسهم أبوسهل وأبو محمّد النوبختيان۲، وتابعهم على ذلك أبو الجيش البلخي تلميذ أبي سهل۳، ثم

1.. المفيد، المسائل السروية، ص۵۸ - ۶۰.

2.. المصدر السابق، ص۵۸؛ النجاشي، رجال النجاشي، ص۶۳.

3.. النجاشي، رجال النجاشي، ص۴۲۲.


الشريف المرتضى و المعتزلة
182

ويشترط في التكليف أمور:

۱. أن يتمكّن المكلَّف من إيجاده بصورة صحيحة، وعلى الوجه الذي كُلّف به.

۲. أن يقوّي المكلَّف - بالكسر - دواعي المكلَّف - بالفتح - للقيام بالتكليف، وذلك بواسطة اللّطف، وما شاكل ذلك.

۳. أن يكون الفعل ممّا يستحقّ به المدح والثواب، فلا يكون الأمر بالمباح تكليفاً۱.

وأمّا شروط المكلَّف - بالكسر - فهي:

۱. أن يكون حكيماً مأموناً من فعل القبيح أو ترك الواجب؛ وذلك لكي يُعلم عدم قبح التكليف.

۲. أن يكون قادراً على الثواب، وعالماً بمقداره.

۳. أن يكون له غرض وهدف من وراء التكليف؛ لكي يحسن منه التكليف.

۴. أن يكون مُنعِماً.

۵. أن يكون عالماً بشروط التكليف في المكلَّف - بالفتح -، كالإقدار، ورفع الموانع۲.

وأما شروط المكلَّف - بالفتح - فهي:

۱. أن يكون قادراً على القيام بالتكليف.

۲. أن يكون عالماً بما كُلّف به.

۳. أن يكون كامل العقل، بالمعنى المتقدّم للعقل، أي «مجموعة العلوم».

۴. أن يكون متمكّناً من الآلات التي يحتاج إليها لأداء التكليف، كاليد، والرجل، والقلم للكتابة، والقوس للرمي.

۵. أن يمتلك قابلية الشهوة والنفرة، والألم واللذّة؛ لكي تحصل له المشقّة والكلفة عند أداء التكليف.

۶. ارتفاع الموانع من القيام بالتكليف۳.

1.. المصدر السابق، ص۱۱۲.

2.. المصدر السابق، ص۱۰۷-۱۰۸.

3.. المصدر السابق، ص۱۲۱ - ۱۲۴.

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3781
صفحه از 275
پرینت  ارسال به