بأنّه قادر، والمراد بذلك أنّه يختصّ بحال لكونه عليها يصحّ منه إيجاد الأفعال»۱، فقد جزم القاضي هنا بنظرية الأحوال، على خلاف المرتضى.
وقد اختلف المرتضى مع أبي هاشم في دلالة الفعل، فكان أبو هاشم يرى أنّ الفعل يدلّ على أنّ فاعله قادر وحيّ وموجود، بينما ذهب المرتضى إلى أنّ الفعل لا يدلّ على أكثر من أنّ فاعله قادر، أمّا الحياة والوجود فبحاجة إلى مقدّمات وأدلّة إضافية لإثباتهما. وقام بمناقشة ثلاثة أدلّة أقامها أبو هاشم لإثبات مطلوبه۲.
أمّا قدرة الله تعالى على فعل القبيح والظلم، فقد اختلفت كلمة المعتزلة حولها، فحُكي عن النظّام، والأسواري، والجاحظ أنّ وصفه تعالى بالقدرة على الظلم والكذب محال۳. فيما وصف كبار المعتزلة الله تعالى بالقدرة على ذلك كأبي الهذيل، وأكثر أصحابه، والجبّائييَّن، وبشر بن المعتمر، والإسكافي، والقاضي عبد الجبّار۴. أمّا الإمامية فقد ذهب جماعتهم إلى إثبات قدرة الله تعالى على خلاف العدل۵، فيما خالف بعضهم في ذلك۶.
وقد وافق المرتضى جماعة الإمامية في ذلك، وإن كان استدلّ على ذلك بأدلّة معتزلية۷، فلا يعدّ تابعاً لهم في هذه المسألة، وإن كان قد استعمل أيضاً في إثبات هذه الفكرة لغة اعتزالية۸.
ونتيجة البحث حول القدرة هي أنّ المرتضى لم يجزم بوجود حال القدرة بالصورة التي جزم القاضي بها. كما خالف أبا هاشم في سعة دلالة الفعل. وأخيراً وافق
1.. القاضي عبد الجبّار، المغني (الفرَق غير الإسلامية)، ج۵، ص۲۰۴.
2.. المرتضی، الملخّص، ص۷۷ - ۸۰.
3.. القاضي عبد الجبّار، المغني (التعديل والتجوير)، ج۶، ص۱۲۷.
4.. المصدر السابق، ص۱۲۸-۱۲۹.
5.. المفید، أوائل المقالات، ص۵۶.
6.. انظر: الأشعري، مقالات الإسلاميین، ص۳۵، حيث نقل اختلاف الإمامية حول الموضوع.
7.. المرتضی، الملخّص، ص۳۲۴، وقارن مع: القاضي عبد الجبّار، المغني (التعديل والتجوير)، ج۶، ص۱۲۹.
8.. المرتضی، الملخّص، ص۳۳۱، وقارن مع: القاضي عبد الجبّار، المغني (التعديل والتجوير)، ج۶، ص۱۶۱.