فائدة من اللّقب في حقّه تعالى۱.
إذا تأمّلنا في النظرية التي تبنّاها المرتضى حول الصفات، وجدنا أنّها من مقتضيات العقلانية التي تبنّاها الأخير، وحاول بناء منظومته الفكرية الكلامية على أساسها، فإنّ مَن يَعتمد على معطيات العقل ويعطيه دوراً مستقلّاً، فبطبيعة الحال سوف يميل إلى النظرية الأولى، أي نظرية عدم توقيفية الأسماء والصفات، خاصّة مع عدم وجود إجماع أو خبر متواتر مخالف لها. ومن الواضح أنّ العقلانية والتأكيد على العقل ليس من خصوصيات الفكر المعتزلي، بل هو ممّا أكّدت عليه تعاليم أئمّة أهل البيت علیهم السّلام، فمن الممكن أن يكون المرتضى قد تأثّر في تبنّيه لهذه النظرية بتلك التعاليم، أو أنّه تأثّر ببعض متكلّمي الإمامية المتقدّمين عليه، حيث عرفنا أنّ الإمامية منقسمون على أنفسهم في تبنّي نظرية واحدة في هذا المجال، ولا يصحّ الجزم بتأثّره بالمعتزلة في ذلك.
۲. نظرية الأحوال
لقد شكّلت مسألة الصفات الإلهية وكيفية اتّصاف الذات الإلهية بها مشكلة عويصة أرّقت المتكلّمين وشغلت أفكارهم لمدّة طويلة، فظهرت مدارس ونظريات متعدّدة ومتنازعة أدّت إلى انقسام المتكلّمين إلى فِرَق مختلفة اعتُبرت انعكاساً للاختلاف الدائر حول الصفات، فآمن الأشاعرة بوجود صفات زائدة على الذات وقديمة بقِدم الذات، الأمر الذي لم يرتضِه المعتزلة، ورفضوه رفضاً باتّاً، فيما ذهب بعض المعتزلة ومنهم أبو عليّ الجبّائي (ت۳۰۳ه ) إلى اعتبار الصفات عين الذات، لكن يبدو أنّ هذه النظرية لم تفِ بما كان يريده أبو هاشم الجبّائي (ت۳۲۱ه )، فقام بإبداع نظرية جديدة أثارت جدلاً طويلاً، وحشدت لنفسها مؤیّدين ومعارضين كُثُراً.
ولأجل بيان أساس الإشكالية في مسألة الصفات نقول: لقد حاول أبو هاشم حلَّ مشكلةٍ كان معمر - أحد كبار معتزلة بغداد (ت۲۱۵ه ) - من قَبلِه حاول أن يجد لها