الروايات من الجنابذي بواسطة الحافظ أبي الفضل بن ناصر عن أبي الغنائم النرسي عن محمّد بن علي بن عبد الرحمن۱، الأمر الذي يُشكّل قرينة هامّة في اتّصال الجنابذي ببعض رجال سند هذا الكتاب أيضاً، وهذه القرينة جيّدة لإثبات إمكان أخذ الجنابذي هذه الأحاديث أيضاً من كتابنا هذا أو من مصادره.
ويؤيّده أيضاً ما ورد في كلا المصدرين بعبارة واحدة، مثلا في رواية: «ابن آدم أشبه شيء بالمعيار إمّا راجح بعلم - وقال مرّة: بعقل - أو ناقص بجهل»۲؛ حيث إنّ هذه الجملة المعترضة: «وقال مرّة: بعقل» وردت بعينها في كُلٍّ من الكتابين، وهذا يؤيّد۳ أخذ بعضهما من بعض، أو أخذ كليهما من مصدرٍ واحد، خصوصاً مع عدم وجود هذه الجملة في بعض المصادر الأُخرى للرواية، كتحف العقول.۴
ووردت عبارة مشتركة أُخرى في كلا الكتابين، وهي ما ذكراه بعد حديث: «عنوان صحيفة المؤمن...»، حيث ورد في هذه النسخة: «وقال في مقامٍ آخر»، وفي كشف الغمّة مثله باختلاف يسير: «في موضعٍ آخر»۵.
فخلاصة الكلام: أنّه - في ظنّي القاصر - لا يبقى أيّ شكّ في العلاقة الوطيدة بين الكتابين بعد ضمّ هذه القرائن إلى بعضها. فالظاهر أنّ الجنابذي أخذ من هذا الكتاب أو من مصادره.
مقارنة بين روايات «تاريخ بغداد» والروايات المنقولة عن الجنابذي في «كشف الغمّة»
لا بأس بإشارة عابرة إلى هذه النقطة أيضاً، وهي أنّ الجنابذي قبل خوضه في نقل هذه الأحاديث ذكر رؤية الخطيب البغدادي في حياة الإمام الجواد علیه السّلام وقدومه إلى بغداد واستشهاده،
1.. في التراث الإمامي وجدتُها في كتاب فرحة الغري، ص۵۵ و ۵۶ و ۵۸ و ۱۲۴ و ۱۳۹ و ۱۴۱.
2.. كشف الغمّة، ج۳ ص۴۸۹.
3.. نعتبره مؤيدا لأنّه من الممكن أن تكون هذه الجملة المعترضة في نفس كلام عبد العظيم الحسني و ليس مثل نسخة البدل حتّى نقول بأن وجوده في كلا الكتابين يثبت أنّهما أخذا من مصدر واحد.
4.. "ابن آدم أشبه شيء بالمعيار إما ناقص بجهل أو راجح بعلم." تحف العقول، ص۲۱۲.
5.. كشف الغمّة، ج۳، ص۴۹۰ و ۴۹۱.