99
موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل

العالِمُ مَن لا يَشبَعُ مِنَ العِلمِ وَلا يَتَشَبَّعُ بِهِ. ۱
وكما قال عليه السلام أيضا :
العالِمُ الَّذي لا يَمِلُّ مِن تَعَلُّمِ العِلمِ. ۲
وعلى النقيض تماما أشباه العلماء مَن يصدّهم داء اعتبار النفس عالما عن مداومة الدّراسة ، ولا يُتيح هذا الداء الفرصة للمصاب حتّى يحقّق فيما لايعلم ، بل يوهمه بأنه عليم بكلّ شيء ، ولم يعُد ينقصه ما يحصله أو يكتسبه من العلم .

۳ . التواضع لأهل العلم

العلامة الثالثة التي أشار إليها الإمام عليه السلام ضمن ما أشار به إلى العالم الحقّ هي الخضوع والتواضع لأهل العلم .
فمهما بلغ الإنسان من العلم إذا قارن ما علم بما جهلِ ، لم يتملّكه الغرور ، فيحبس نظره فيما علم ليس إلّا ، بل إنّه ليأخذ تحقيقات الآخرين وعلومهم بعين الاعتبار ويقدرها ، فلا يسعه أمام العلماء نظراً لعلمهم إلّا أن يخضع لهم ويتواضع . وعلى خلاف ذلك العلماء الخياليون الذين يعتبرون أنفسهم أعلم العلماء ، فإنّهم لا يفتأون يرفعون من قدرهم على حساب الآخرين وتحقيرهم .
هؤلاء المرضى يتصوّرون أنّهم لو تواضعوا للعالم لكان ذلك منقصةً من قدرهم العلمي ، ويتوهّمون أنّ الناس سيعزون احترامهم للعلماء الآخرين إلى قلّة علمهم ، ولهذا يتظاهرون بأنّه لا يوجد من هو أعلم منهم، ويتعاملون باستنقاص مع آراء جميع العلماء ويعرِّضون بها، دون مطالعة متأنية وتدقيق .

1.راجع : ج ۲ ص ۴۲۲ ح ۲۹۹۵ .

2.راجع : ج ۲ ص ۴۲۲ ح ۲۹۹۶ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل
98

للخليفة من بعده وأن يردّد في العشيّ والإبكار ، نشاهده يخاطب اللّه عز و جل متضرعا :
أنتَ العالِمُ وأَنَا الجاهِلُ ۱
وأنها لحقيقة واقعية علميّة دقيقة!! إنّ الإمام عليه السلام لم يكن ليجامل أو ليبالغ أوليحيد عن إطار الحقيقة قيد شعرة ، وكلّ ما يصدر عنه عين الحقيقة لا ذرّة من زيادة أو ذرّة من نقصان .
العالِمُ مَن عَرَفَ قَدرَهُ
هذه عبارة اُخرى للإمام علي عليه السلام أيضا في صدد علائم العالم الحقيقي والتمييز بينه وبين أشباه العلماء وإن كانت على الظاهر شبيهة بسالفتها في المعنى ، وأمّا كامل قوله عليه السلام فهو :
العالِمُ مَن عَرَفَ قَدرَهُ ، وكَفى بِالمَرءِ جَهلاً أن لا يَعرِفَ قَدرَهُ ۲
ولا يَخفى أنّ المراد من «قدْره» هو مقدار علمه ، أي : أنّ العالم الحقّ هو من عرَف مقدار علمه وسلم من الغرور العلمي وداء رؤية النفس عالما ، ومن لم يبلغ هذه المعرفه ولم يعرف قدْر ما يعلم بالنسبة لما يجهل ليس جديراً بأن يسمّى عالما ، وكائنا مّا كان مقدار ما لديه من العلوم المختلفة فإنّ جهله هذا كافٍ للتضليل وسقوط الاعتبار عن آرائه وعقائده .

۲ . التّعطُّش المتنامي لاكتساب العِلم

بعد أن يزن العالم معلوماته بالنسبة لمجهولاته بميزان الدقّة ويفهم أن مايعلم بالنسبة لما لايعلم، شيء لا يحتسب ، يشتدُّ ظمأ الاطّلاع والوعي في روحه ، ويزيد العشقُ والولعُ بالعلم قدْرتَه وسعيَه لمعرفة حقائق الوجود كما قال الإمام عليه السلام :

1.راجع : ج ۲ ص ۴۱۹ ح ۲۹۷۹.

2.راجع : ج ۲ ص ۴۱۶ ح ۲۹۶۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    رضا برنجكار
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3647
صفحه از 480
پرینت  ارسال به