77
موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل

«وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَـطِلاً ذَ لِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ» . ۱
فلو أمعنَّا النظر فيالعقائد والآراء المتناقضة بين الناس في المجتمعات المختلفة وطرحناها على بساط البحث والتحليل الجذري لانتهينا بلا عناء إلى أنّ أغلب هذه العقائد فاقدة للاُسس العلمية جذريًّا وأنها لا تستند إلّا على الظنّ أو على الشكّ ، وأنّ أهل الدنيا كانوا وما زالوا يقتفون أثر الظنّ في المسائل العقائدية ، وخاصّةً في اُصولها ، ولهذا نرى القرآن يعلن صراحةً بأنّ من اتّبع الأكثرية فقد ضلّ ، من ذلك قوله تعالى :
«وَإن تُطِعْ أكْثَرَ مَن فِى الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إلَا الظَّنَّ وَإنْ هُمْ إلَا يَخْرُصُونَ» . ۲
أمَّا لو صمَّم أتباع المذاهب والمعتقدات المتناقضة جميعا على اقتفاء أثر العلم فقط وعدم الإيمان بشيءٍ إلّا بعد العلم به بصورة بديهية لانفضّت التناقضات والخلافات بين المذاهب كافّة .
فالإمام الصادق عليه السلام يقول :
إنَّ اللّهَ خَصَّ هذِهِ الاُمّةَ بِآيَتَينِ مِن كِتابِهِ ، أن لا يَقولوا إلّا ما يَعلَمونَ، وأن لا يَرُدّوا ما لا يَعلَمونَ ، ثُمّ قَرَأَ : «ألَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَـقُ الْكِتَـبِ أن لَايَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إلَا الْحَقَّ» . ۳ وقَرَأَ : «بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ» ۴ الآية. ۵

1.ص : ۲۷ .

2.الأنعام : ۱۱۶ .

3.الأعراف : ۱۶۹ .

4.يونس : ۳۹ .

5.مجمع البيان : ج ۵ ص ۱۶۸ ، الأمالي للصدوق : ص ۵۰۶ ح ۷۰۲ ، بصائر الدرجات : ص ۵۳۷ ح ۲ كلاهما نحوه ، منية المريد : ص ۲۱۶ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۱۱۳ ح ۳ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل
76

وأول ما يوصي به القرآن الكريم لتصحيح العقيدة هو تجنّب الاعتماد على هذا المنزلق ، ويؤكّد على أتباعه بعدم بناء عقائدهم وآرائهم على دعائم الظنّ والشكّ والتسليم بشيء دونما تأكّد من صحّته وثبوته ، فيقول عزَّوجلَّ في صريح كلامه :
«وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» . ۱
ففي نظر القرآن أنّه لايحقّ لمسلم أن يقتفي شيئا أو يجعله مداراً لعمله ما لم يثبت له بنحو قطعيّ .
كما ينتقد القرآن الكريم ذوي الآراء والعقائد الباطلة في أنهم لماذا يقولون ما ليس لهم به علم ، بقوله تعالى :
«وَ تَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ» . ۲
وقد ردّ القرآن على منكري المعاد بأنهم معوزون إلى الدليل على إنكار الحياة بعد الموت ، وأنّ اعتقادهم لا يقوم على أساس علمي وإنّما يقوم على الظنّ والحدْس ، بقوله :
«وَ قَالُواْ مَا هِىَ إلَا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَ نَحْيَا وَ مَا يُهْلِكُنَا إلَا الدَّهْرُ وَ مَا لَهُم بِذَ لِكَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إلَا يَظُنُّونَ» . ۳
وكذلك يصبّ انتقاده واعتراضه على الذين يحسبون أنّ الإيجاد بلا هدف وأنّ الخلق باطل وعبث فارغ ، بأنّ اعتقادهم هذا لا ينشأُ عن علمٍ ، ولو أنهم دقّقوا النظر قليلاً لأدركوا أنهم ليسوا على وعي فيما يعتقدون ، وإنّما اعتقاداتهم قائمة على الظنّ ، لقوله تعالى :

1.الإسراء : ۳۶ .

2.النور : ۱۵ .

3.الجاثية : ۲۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    رضا برنجكار
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4115
صفحه از 480
پرینت  ارسال به