339
موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل

والسؤال الذي يثار في هذا الصدد يستهدف معرفة السبب الذي جعل النصوص الإسلاميّة ـ ومن جملتها كتب الحديث ـ تضع الجهل في مقابل العقل ، خلافا للنهج المتعارف الذي يضع الجهل كعنصر مقابل للعلم .
فأنت حينما تراجع كتب الحديث لا تجد فيها عنوان «العلم والجهل» ، خلافا لعنوان «العقل والجهل» الذيتجده عادة في معظم الكتابات التفصيليّة أو كلِّها، والسرّ الكامن وراء ذلك هو أنّ الإسلام يعتبر الجهل بمفهومه الرابع ـ وهو أمر وجوديّ ويقف في مقابل العقل ـ أخطر من الجهل بمفهومَيه الثاني والثالث ، وهو أمر عدميّ ويقف في مقابل العلم .
وبعبارة اُخرى : تدلل المواجهة بين العقل والجهل في النصوص الإسلاميّة على أنّ الجهل الذي هو في مواجهة العقل أخطر من الجهل الذي هو في مواجهة العلم ، وما لم تُستأصل جذور هذا الجهل من المجتمع لا يغنيه شيئا اقتلاع جذور الجهل المقابل للعلم ، وهذه نقطة في غاية الظرافة والدقّة ، فافهم واغتنم .


موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل
338

نقطتان تسترعيان الاهتمام

۱ . أخطر الجهل

النقطة الاُولى هي أنّ الإسلام على الرغم من شدّة محاربته للجهل وخاصّة بمفهومه الثالث ، إلّا أنّه يعتبر أخطر أنواعه هو نوعه الرابع ؛ أي اختيار السبيل الذي تدعو قوى الجهل الإنسانَ إليه واتّباعه ؛ لأنّ الإنسان إذا سلك النهج الذي يرسمه له العقل فسيحظى من غير شكّ بالتسديد والهداية من العلم والحكمة وسائر جنود العقل لبلوغ مبدأ الإنسانيّة وغايتها ، واكتساب جميع المعارف المفيدة البنّاءة ، ويصل على قدر استعداده وجهده إلى الحكمة من وراء خلقه .
أمّا إذا اختار الإنسان طريقا من الطرق التي يقتضيها الجهل ، وأغلق جنودُ الجهل أمام وجهه سبيلَ إدراك المعارف البنّاءة والحقائق السامية التي تبصّره بالغاية العليا للإنسانيّة ، فإنّه في مثل هذه الحالة سيهلك بمرض الجهل حتّى لو كان أعلم العلماء على وجه الأرض ، ولن ينفعه علمه في هدايته «وَ أضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ» . ۱
وعلى هذا الأساس ، حينما يطرح موضوع «الجهل» على بساط البحث ، يتركّز محور الحديث عادة حول مفهومه الرابع ، ثمّ تتدرّج من بعده سائر مفاهيم الجهل الاُخرى وفقا لأهمّيّة كلّ منها .

۲ . المواجهة بين العقل والجهل

إنّ القضيّة المهمّة الاُخرى هي إيضاح السرّ الكامن وراء المجابهة بين العقل والجهل في النصوص الإسلاميّة .

1.الجاثية : ۲۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    رضا برنجكار
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3628
صفحه از 480
پرینت  ارسال به