237
موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّانی

۳ . المبالغة في بيان فضيلة العلم

إنّ بعض الأحاديث المذكورة في هذا الفصل الّتي عرضت موضوعات حول بيان فضيلة العلم ورجحانه على العبادة تبدو عليها المبالغة ، ويعسر قبولها بلا توضيحٍ وافٍ ، كأنْ يُذكر أنّ في جلوس المتعلّم أمام العالم ثواب ستّين شهيدا ، أو أنّ الحضور في مجلس العالم أفضل من ألف غزوة مندوبة ...
مع أنّ سند هذه الأحاديث ليس له الاعتبار الكافي لإثبات هذه الفضائل ، لكن ردّ هذه الأحاديث لا يتيسّر ، من خلال ملاحظة الاستدلال الوارد في الحديث النبويّ صلى الله عليه و آله :
«خَيرُ الدُّنيا وَالآخِرَةِ مَعَ العِلمِ ، وشَرُّ الدُّنيا وَالآخِرَةِ مَعَ الجَهلِ» ۱ .
والواقع أنّ هذه الأحاديث عمدت إلى ضروب التأكيد لتشجيع الناس على العلم ، ومادام المرء محتاجا إلى التعلّم والحضور في مجلس العالم من أجل رفع مستوى معرفته ، فليس له أن يترك مجلس العلم بأيّ ذريعةٍ كانت ، حتّى لو كانت ذريعة الحجّ والجهاد المستحبّين !

1.راجع : ص ۲۸ ح ۱۳۰۸ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّانی
236

والاحتمال الآخر في تبيين الأحاديث الواردة في ترجيح العلم على العبادة هو النظر إلى العلم والعبادة بذاتهما وبدون الأخذ بعين الاعتبار الأحكام الفقهيّة الخمسة ، أي : العلم ذاتا مقدَّم على العبادة ، ويمكن أن تكون لهذا التقدّم أسباب متنوّعة ، منها أنّ العبادة متعذّرة بغير العلم .

۲ . الدور البنّاء للعبادة إلى جانب العلم

مضت الإشارة في الفصول المتقدّمة إلى الدور الأساسيّ البنّاء للعبادات في ظهور نور العلم والإلهامات القلبيّة ۱ ، وتمّ تأكيد أنّ جوهر العلم لا يستديم في وجود الإنسان بلا عمل ۲ . من هنا ، فإنّ الأحاديث الّتي ترجّح العلم على العبادة لا تهدف إلى إضعاف الدور البنّاء للعبادة إلى جانب العلم أو إنكاره ، بل تؤكّد ضرورة تقارنهما وتُحذّر من العبادات الجاهلة . وسيأتي في القسم السابع أنّ العبادة بلا علم لا قيمة لها ، بل هي مدعاة للخطر ۳ .
من هذا المنطلق لا يمكن أن تُتّخذ أحاديث هذا الفصل ذريعة لترك العبادات ، حتّى المستحبّة منها ، نُقل أنّ شخصا سأل المحقّق الكبير الشيخ الأنصاريّ رضوان اللّه تعالى عليه عن التعارض بين صلاة الليل والمطالعات العلميّة : أيّهما مقدّمة على الأُخرى وكان الشيخ يعلم أنّ السائل من هواة النارجيلة ، وأنّ سؤاله ذريعة لترك نافلة الليل ، فأجابه قائلاً : لِمَ تُوجِد تعارضا بين صلاة الليل والمطالعة ! قل : أيّهما تتقدّم على الاُخرى : المطالعة أو النّارجيلة .

1.راجع : ص ۱۴۴ «العمل» و ۱۴۵ «الصلاة» و ۱۴۶ «الصوم» .

2.راجع : ص ۵۹ ح ۱۵۳۰ .

3.راجع : ص ۴۸۹ «خطر العالم الفاجر والجاهل الناسك» .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    رضا برنجكار
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4064
صفحه از 511
پرینت  ارسال به